إفشاء الأسرار الزوجية

شارك على

Share on facebook
Share on twitter
Share on linkedin
Share on whatsapp
Share on telegram

إقرأ أيضا

محتويات

إن أكثر ما يضر بالعلاقات الزوجية ويسبب في خراب البيوت هو إفشاء الأسرار الزوجية

وهنا نستعرض أحكام إفشاء أسرار الزوجية على أقسام:

القسم الأول:

أن تكون هذه الأسرار فيما يتعلق بأمور الاستمتاع بين الزوجين، ووصف التفاصيل الراجعة إلى الجماع

وإفشاء ما يجري من المرأة من قول أو فعل حالة الوقع فهذا الحديث فيه نوعين:

النوع الأول في إفشاء الأسرار الزوجبة:

إذا كان الحديث بلا حاجة فلا يجوز الكلام فيها في المجالس للحديثين السابقين.

قال الإمام النووي رحمه الله في شرح صحيح مسلم:

وفي هذا الحديث تحريم إفشاء الرجل ما يجري بينه وبين امرأته من أمور الاستمتاع ووصف تفاصيل ذلك وما يجري من المرأة فيه من قول أو فعل ونحوه.

وقد مثل النبي صلى الله عليه وسلم الزوجين اللذين يتحدثان عن أسرار الفراش

كمثل شيطان وشيطانة تلاقيا في طريق ماء فجامعها بمرأى من الناس.

وعن أسماء بنت يزيد أنها كانت عند رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ والرجال والنساء قعود عنده فقال :

لعل رجلاً يقول ما يفعل بأهله ولعل إمرأة تخبر بما فعلت مع زوجها، فارم القوم – يعنى سكتوا ولم يجيبوا –

فقلت: أي والله يا رسول الله، إنهن ليقلن وإنهم ليفعلون، قال: فلا تفعلوا فإنما ذلك مثلا الشيطان لقي شيطانة في طريق فغشيها والناس ينظرون.

فهذا نهي صريح عن كشف أسرار الفراش، فكان هذا الكشف

والإفشاء صورة جنسية معروضة في الطريق والفتنة الشيطانية المعروضة في الطريق العام تتوق إليها النفوس الآثمة وتنفق في سبيل الحصول عليها الأموال الطائلة.

كما أنها نوع من المجاهرة، وسبب لتجرؤ السفهاء وإماطة اللثام عن الحياء .

النوع الثاني في إفشاء الأسرار الزوجية:

إن كان الحديث فيها لإثبات حق أو رفع ظلم كأن تكون أمام القاضي أو من اتفقا على أن يكون المصلح بينهما

فتنكر المرأة نكاح الزوج لها وتدعي عليه العجز عن الجماع أو نحو ذلك فهذا لا بأس بالحديث فيه لما يلي:

– روى البخاري في صحيحه أن رجلاً ادعت عليه امرأته العنة فقال: والله يا رسول الله إني لأنقضها نقض الأديم ولكنها ناشز تريد رفاعة ولم ينكر عليه ـ صلى الله عليه وسلم.

– روى مسلم في صحيحه أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال لأبي طلحة: أعرستم الليلة؟

القسم الثاني:

إن كانت الأسرار فيما عدا ذلك فهو أيضاً على أنواع:

النوع الأول في الوصف:

إن كان الحديث في وصف الأزواج خلقياً فلا يجوز لقول النبي ـصلى الله عليه وسلم:

لا تباشر المرأة المرأة فتنعتها لزوجها كأنه ينظر إليها، رواه البخاري.

والمحذور نفسه موجود عند النساء فإذا استغرقت المرأة في وصف زوجها وجماله وبهائه قد يحدث في نفوس الحاضرات ما لا تحمد عقباه من الحسد ونحوه .

النوع الثاني في الوصف:

إن كان الحديث في وصف الأزواج خلقياً فهو بين أمرين:

الأول: إن كان الحديث ذماً: كوصفه بالبخل أو الجهل أو الغلظة فهذا لا يجوز إلا إذا كان على سبيل الشكاية لمن يريد الإصلاح كالقاضي ونحوه

لأنها من الغيبة والغيبة كما هو معلوم ذكرك أخاك بما يكره وهي محرمة .

الثاني: إن كان الحديث مدحاً: فهذا على حسب المصلحة، إن كان في الحديث عن صفاته منفعة فلا بأس وإلا فلا خوفاً من ترتب المفاسد

فإن قال قائل: حديث أم زرع وكلام النسوة في أزواجهن، فقد دار حديثين مدحاً وذماً في الأزواج والنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لم ينكر ذلك مما يدل على جواز الحديث في مثل هذه الموضوعات؟

والجواب من وجوه:

أولاً: أن الحديث جاء على هيئة الخبر، فالنبي صلى الله عليه وسلم كان يسمع ما تقول عائشة رضي الله عنها عن حال هؤلاء النسوة المجهولات وما دار بينهن من الحديث .

ثانياً: القاعدة تقول: لا غيبة لمجهول فالنساء لا يعرفن وكذا الأزواج لا يعرفون فهذا انتفى المحذور .

ذكر النووي في شرح مسلم: قال “قال المازري: قال بعضهم: وفيه أن هؤلاء النسوة ذكر بعضهم أزواجهن بما يكره

ولم يكن ذلك غيبة لكونهم لا يعرفون بأعيانهم أو أسمائهم و وإنما الغيبة المحرمة أن يذكر إنساناً بعينه، أو جماعة بأعيانهم.

قال المازري وإما يحتاج إلى هذا الاعتذار لو كان النبي صلى الله عليه وسلم سمع امرأة تغتاب زوجها، وهو مجهول فأقر على ذلك.

وأما هذه القضية فإنما حكتها عائشة عن نسوة مجهولات غائبات

لكن لو وصفت اليوم امرأة زوجها بما يكرهه، وهو معروف عند السامعين كان غيبة محرمة

فإن كان مجهولا لا يعرف بعد البحث فهذا لا حرج فيه عند بعضهم كما قدمنا.

وأخيراً لابد أن تعلم المرأة المسلمة أن حفظ السر بحد ذاته من الفضائل والكمالات، وإفشاءه من المثالب والأخطاء والعيوب.

يقول الماوردي في الاسترسال بإبداء السر دلائل على ثلاث أحوال مذمومة:

إحداها: ضيق الصدر وقلة الصبر حتى إنه لم يتسع للسر ولم يقدر على صبر.

وقال الشاعر في ذلك:

إن المرء أفشى سره بلسانه .. ولا عليه غيره فهو أحمق

إذا ضاق صدر المرء عن سر نقدمه .. فصدر الذي يستودع السر أضيق

الثانية: الغفلة عن تحذر العقلاء، والسهو عن يقظة الأذكياء.

وقال بعض الحكماء: انفرد بسرك ولا تودعه حازماً فيزل ولا جاهلاً فيخون .

الثالثة: ما ارتكبه من الغرر، واستعمله من الخطر.

وقد قال بعض الحكماء: سرك من دمك فإذا تكلمت به فقد أرقته .

ولقد أدى إفشاء الحديث الذي أسره النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلى حفصة ونقلته إلى عائشة

وما تبع ذلك من تآمر ومكايدات في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اعتزال النبي صلى الله عليه وسلم نساءه شهراً من شدة موجدته عليهن

وفي ذلك يقول الله تعالى “وإذا أسر النبي إلى بعض أزواجه حديثاً فلما نبأت به وأظهره الله عليه عرف بعضه وأعرض عن بعض فلما نبأها به قالت من أنبأك هذا قال نبأني العليم الخبير” التحريم 3 .

ثم يواجه المرأتين بخطئهما ويدعوهما إلى التوبة لتعود قلوبهما إلى الله بعد أن بعدت عنه بما كان منهما

وإلا فإن الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين والملائكة

“إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما وإن تظاهرا عليه فإن الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين والملائكة بعد ذلك ظهير” التحريم .

إن في هذا الحادث لتوجيهاً بليغاً للمرأة المسلمة بقيمة حفظ سر زوجها

اترك تعليقاً