|
أوراق ثقافية دروس اللغة العربية - نصوص أدبية - مقالات أدبية - حكم عالمية [أنا البحر في أحشاءه الدر كامن - فهل سألوا الغواص عن صدفاتي] |
|
أدوات الموضوع |
02-04-07, 11:56 PM | #1 | ||
عضوية متميزة
رقم العضوية : 137
تاريخ التسجيل : Jul 2002
عدد المشاركات : 253
عدد النقاط : 10
|
كيف ألغيت الخلافة ؟
بقلم / أورخان محمد علي
في مثل هذا الشهر (أي في شهرمارت) قبل 83 عاما ألغيت الخلافة العثمانية ، وهي آخر خلافة إسلامية في(4/3/1924) فكيف تم هذا الأمر؟ الكثير من تفاصيل إلغاء الخلافة ، وما جرى خلف الكواليس والقوى والبؤر العديدة – الداخلية منها والخارجية- التي لعبت دورا مهما في هذا الأمر لا تزال غير معروفة تماما ؛ لأن هناك ستارا من الغموض فرض على العديد من الحوادث التي جرت في الفترة الأولى من العهد الجمهوري التركي .. مثلا لم يسمح بنشر مذكرات آخر خليفة ، وهو الخليفة عبد المجيد ، وهذه المذكرات تقع في 12 مجلدا ، ولا شك أنها مذكرات هامة تلقي الكثير من الأضواء على أحداث ذلك العهد ، ولكن لم يستطع أي مؤرخ الاطلاع عليها ، وكذلك هناك مذكرات السيدة "لطيفة أوشاكلي كيل" زوجة مصطفى كمال ، وكما هو معلوم فقد انتهى هذا الزواج بالطلاق بعد فترة قصيرة ، وكانت قد اعتادت على تسجيل مذكراتها ، وهذه المذكرات في شكل دفاتر عديدة، وهي موجودة الآن في حوزة لجنة التاريخ التركي، وفي صندوق حديدي ، ولا يسمح لأي مؤرخ بالاطلاع عليها، بدعوى أن فيها ما يسيء إلى صورة مصطفى كمال ، لذا فلا يجب أن تطلع الجماهير عليها، لكي لا تهتز الصورة الجميلة لمصطفى كمال التي تم حفرها في أذهان الجميع كقائد وبطل تاريخي أنقذ الوطن من الأجانب ، وأسس الجمهورية التركية الحديثة!!. كما منع نشر القسم الأعظم من مذكرات القائد التركي المشهور المارشال فوزي جاقماق وزير الدفاع في عهد مصطفى كمال ( الذي كان معروفا بتدينه الشديد) والذي تناول فيها حرب الاستقلال التي خاضها جنبا إلى جنب مع مصطفى كمال ومع القواد الوطنيين، وما جرى من أحداث في تلك الفترة ، والسبب هو نفسه...أي لكي لا تصل حقيقة ما حدث في تلك السنوات إلى المؤرخين وإلى الجماهير ؛ لأن الظاهر أن فيها ما يمس مصطفى كمال. ومثل هذا التصرف لا يليق إلا بدولة دكتاتورية تمنع الفكر الحر والتقويم الحر ، ولا تؤمن بوجوب إيصال المعلومات إلى الشعب، لا بدولة حديثة وديمقراطية ، وقد ارتفعت بعض أصوات المفكرين والمثقفين وبعض المؤرخين طالبة الإفراج عن هذه المذكرات قائلة : إن مصطفى كمال إنسان يخطئ ويصيب، وليس هناك من سبب لتصويره ملاكا لا يخطئ ، ولكن الظاهر أن العسكر يعارضون هذا النشر معارضة شديدة ، وقد نجحوا في إدامة هذا الحظر حتى الآن. على أي حال دعونا نحاول تسليط بعض الأضواء على موضوع إلغاء الخلافة ، وكيف جرى ؟! وما رافقه من أحداث ، وإن كنا نعترف بأن هناك معلومات قيمة حول هذا الموضوع لم يكشف عنها النقاب حتى الآن. في أثناء حرب الاستقلال ( التي أعقبت الحرب العالمية الأولى، والتي حررت تركيا من المعاهدات الجائرة التي فرضت على الدولة العثمانية المغلوبة، وخلصت الوطن من الاحتلال الأجنبي في النهاية) كانت هناك لفترة حكومتان، حكومة يقودها مصطفى كمال ومقرها في أنقرة ولها برلمان، وحكومة في اسطنبول على رأسها الخليفة وحيد الدين الذي كان في الحقيقة أسيرا لدى قوات دول الحلفاء المحتلة لاسطنبول ، وعلى رأسها إنكلترة. بعد النصر العسكري الذي أحرزته تركيا في حروب الاستقلال، وفي أثناء هدنة "مودانيا" تقرر البدء بالمفاوضات بين تركيا ودول الحلفاء في مدينة "لوزان" بسويسرة".(3-11/10/1922).أهم الدول التي اشتركت فيها هي: تركيا، انكلترة، فرنسا ،إيطاليا ،اليابان، اليونان، رومانيا ، وروسيا، واشتركت الولايات المتحدة الأمريكية فيها كمراقب. وعندما علمت حكومة أنقرة أن في نية إنكلترة ودول الحلفاء الأخرى دعوة حكومة اسطنبول أيضا للمفاوضات قامت بإلغاء السلطنة للحيلولة دون اشتراك تلك الحكومة، ولكي لا يكون هناك ممثلان عن تركيا يختلفان في وجهات النظر في العديد من المسائل ، وأصبحت هي الممثلة الوحيدة في تلك المفاوضات. تم الإلغاء كما يأتي: في 1/11/1922 قام صديقان من أصدقاء مصطفى كمال في المجلس النيابي ، وهما الدكتور رضا نور (1) وحسين عوني بتقديم مشروع إلى المجلس النيابي يقترح فصل السلطنة عن الخلافة ، أي أن الخليفة لم يعد يملك سلطة سياسية ، بل تحول إلى رمز ديني فقط.. ووافق المجلس على المشروع ، فتم فصل السلطنة عن الخلافة ، وهكذا حيل بين الدول وبين دعوة حكومة اسطنبول إلى المباحثات ؛ لأن أنقرة أصبحت الحكومة الوحيدة التي تمثل تركيا سياسيا ، وخشي وحيد الدين على نفسه فهرب من اسطنبول على ظهر بارجة بريطانية ، وجرى نقاش في المجلس حول هذا الهروب ، وتم التنديد به. بعد هذا الهرب بقي منصب الخلافة شاغرا، وكان لا بد من ملئه، فتقدم نائب قونية السيد وهبي أفندي إلى المجلس – طبعا بمعرفة وموافقة مصطفى كمال- باقتراح حول انتخاب خليفة ، تم التصويت في البرلمان واختير عبد المجيد أفندي خليفة ، إذ نال 148 صوتا من مجموع 162 صوتا ، وقام مصطفى كمال – باعتباره رئيس الحكومة بإبلاغ النتيجة إلى الخليفة المنتخب ، ولكنه في اليوم نفسه أدلى بتصريح إلى صحيفة "أقشام" قال فيه: "إن أسعد فترات تاريخنا هي الفترات التي لم يكن فيها حكامنا خلفاء ، كما أن الفرس والأفغان ومسلمي أفريقيا لم يعترفوا بخليفة اسطنبول ، لقد أبقينا الخليفة احتراما لتقاليد سابقة نجلها ، ونحن نحترم الخليفة" كان هذا التصريح يبين بوضوح موقف مصطفى كمال من الخلافة ، وإيماءة بأن الدور سيأتي لإلغاء الخلافة أيضا. والحوادث التي تتابعت فيما بعد دفعت إلى الإسراع بإلغاء الخلافة، فقد كان هناك نواب في المجلس في أنقرة يقفون موقف المعارضة الشديدة من مصطفى كمال ، ويرون أنه ينوي القيام بإجراء تغييرات سياسية واجتماعية جذرية في البلد، وكانوا يعارضون هذه التغييرات ، ويرونها ضارة وليست في مصلحة البلد. وفي 29/10/1923 تم إعلان الجمهورية ، وانتخب مصطفى كمال رئيسا للجمهورية ، أي أصبح هناك موقف غريب: رئيس جمهورية في أنقرة يمثل السيادة والقوة السياسية، وخليفة في اسطنبول يمثل الرمز الديني للمسلمين. واشتدت المعارضة ضد مصطفى كمال، وكانت صحف اسطنبول تقود هذه المعارضة ، وفي أثناء مفاوضات لوزان( الذي كان عصمت إينونو رئيسا للوفد التركي فيها) ظهرت خلافات كبيرة بين السيد عصمت إينونو والسيد حسين رؤوف أورباي(الذي كان رئيسا للوزراء في أنقرة). وأدلى السيد حسين رؤوف بتصريح لإحدى الصحف الصادرة في اسطنبول قال فيه : بأن إعلان الجمهورية كان عملا متسرعا ، وقد عد مصطفى كمال هذا التصريح معاديا له وللنظام الجمهوري ، وزاد قلق مصطفى كمال وقلق أنصاره وقلق حزبه الذي أنشأه وهو " حزب الشعب"عندما قام "حسين رؤوف" و"عدنان آدي وار" و"رفعت باشا" بزيارة الخليفة عبد المجيد في اسطنبول. وفسرت هذه الزيارة بأنها محاولة لإجهاض النظام الجمهوري ، ولإرجاع نظام السلطنة مرة أخرى ، وأن هناك مؤامرة في هذا الخصوص يشترك فيها الخليفة عبد المجيد وأنصاره ، كما جرت أحداث خارجية زادت من هذا القلق، إذ قام السيد أمير علي- رئيس الجمعية الإسلامية في لندن- بكتابة رسالة بتاريخ 5/12/1923 إلى عصمت إينونو ( الذي عين رئيسا للوزراء بعد إقالة السيد حسين رؤوف) شرح فيها أهمية الخلافة في الدين الإسلامي طالبا المحافظة عليها. وقبل أن تصل هذه الرسالة إلى عصمت إينونو سربت إلى بعض الصحف في اسطنبول لغرض الضغط على أنقرة. على إثر هذه التطورات طلب عصمت إينونو عقد جلسة سرية لحزب الشعب في 8/12/1923 للتداول حول هذه الأحداث ، واتخاذ ما يلزم تجاهها، وفي اليوم نفسه قامت الحكومة – التي أصبحت الحكومة الوحيدة في تركيا- بتاسيس محكمة في اسطنبول قامت بالقبض على الصحفيين الذين نشروا تلك الرسالة منهم "حسين جاهد يالجين" و"أحمد جودت" و"وليد أبو الضياء". ولكن المحكمة قضت ببراءة هؤلاء الصحفيين ، وبحبس السيد لطفي فكري( رئيس نقابة المحامين) خمس سنوات ؛ لأنه أرسل رسالة إلى الخليفة يطلب منه عدم الاستقالة. وفي هذه الفترة زادت ضغوط انكلترة على الحكومة التركية لإلغاء الخلافة ، فقلوب المسلمين كانت لا تزال معلقة بمقام الخلافة ، وكان ارتباط المسلمين الموجودين تحت الاحتلال الإنكليزي ( في الهند وفي مصر وفي العراق مثلا) يقلق إنكلترة ؛ لذا فإن العديد من المؤرخين يرون وجود بنود سرية في معاهدة لوزان فرضت على تركيا إلغاء الخلافة. والحوادث أعلاه التي جرت مهدت الأوضاع لإلغاء الخلافة، فعقد حزب الشعب عدة جلسات للتداول في هذا الأمر، وقرر في الأخيرة إلغاء الخلافة ؛ لذا نشرت جريدة "الوطن" في أحد الأيام خبرا فاجأ الشعب مفاجأة كبيرة وأذهله ، وهو قيام نائب مدينة "أورفة" الشيخ "صفت أفندي" باسم نواب قارب عددهم الستين نائبا بطلب إلى المجلس النيابي لإلغاء الخلافة ، ونفي الخليفة وعائلته من البلد(لاحظوا وجود لقب" الشيخ" أمام صاحب الاقتراح...لقد كان هذا شيئا مرتبا بعناية ومقصودا). كان موعد افتتاح المجلس النيابي هو 1/3/ 1924. وفي خطبة الافتتاح قال مصطفى كمال: " إن هذه الأمة تريد الحفاظ على الجمهورية الآن ، وإلى الأبد تجاه جميع أنواع الهجوم، وصيانتها بكل حزم ، لا يمكن إبقاء أي كابوس معلقا على هامة هذه الأمة التركية". وفي يوم 3/3/1924 عقد المجلس النيابي جلسة تاريخية لتقرير مصير الخلافة...لم تستغرق هذه الجلسة التاريخية سوى ثلاث ساعات ونصف الساعة ...ثم صدر القرار بإلغاء الخلافة التي استمرت أكثر من 1300 سنة ، كما صرح المجلس بأنه سيتقلد واجبات الخلافة ، ويقوم بشؤونها ، أي أن مؤسسة الخلافة مندمجة – من الناحية النظرية – في الشخصية المعنوية للمجلس النيابي التركي. في يوم 4/3/1924 نفي الخليفة عبد المجيد مع أفراد عائلته وأقربائه وجميع أفراد آل عثمان إلى خارج البلد، وتم وضع اليد على ثرواتهم. كانت مدة خلافة الخليفة الأول أبي بكرالصديق ـ رضي الله عنه ـ سنتين وثلاثة أشهر، ومدة خلافة آخر خليفة ( وهو الخليفة العشرين بعد المائة) وهو عبد المجيد سنة واحدة وثلاثة أشهر. الهوامش : (1)- دكتور رضا نور: تخرج من الكلية الطبية واهتم بالتاريخ التركي وكتب عنه 13 مجلدا، ودخل معترك السياسة وأصبح وزيرا للصحة في الوزارة الأولى التي شكلها مصطفى كمال. ثم اختلف معه واعتزل السياسة . كتب مذكراته التي أودعها في المتحف البريطاني والمتحف الفرنسي والتي نشرت في أربعة مجلدات عام 1960أي بعد وفاته بسنوات عديدة. هاجم فيها مصطفى كمال هجوما عنيفا. قامت الحكومة بسحب نسخ الكتاب من الأسواق وسجنت ناشرها. المصدر : صحيفة كتابات الالكترونية |
||
04-04-07, 04:38 AM | #2 | ||
المراقبة العامة
رقم العضوية : 540
تاريخ التسجيل : Dec 2002
عدد المشاركات : 16,580
عدد النقاط : 10
|
رد: كيف ألغيت الخلافة ؟
حسبنا الله ونعم الوكيل على اتاتورك
وهنا مقال قراته عن سقوط الخلافه ففي السابع والعشرين من شهر رجب لسنة 1342 هـ، الموافق للثالث من مارس لسنة 1924م, وقعت أكبر جريمة في حق المسلمين، حيث تمكنت الدول الأوروبية بقيادة بريطانيا بواسطة عميلها "مصطفى كمال أتاتوك" من إلغاء دولة الخلافة العثمانية الإسلامية، ولم تخرج الجيوش البريطانية المحتلة لمضيق البوسفور وإستانبول العاصمة إلا بعد أن اطمأنت من إسقاط دولة الخلافة، وإقامة الجُـمهورية العلمانية على أنقاضها، وإخراج الخليفة من البلاد. ـ وبسقوطها سقطت مفاهيم الدولة المبنية على المبادئ والقيم الرفيعة والأخلاقيات، وحلَّت محلها المفاهيم المبنية على المصالح والأهواء والماديات. ـ سقطت دولة الخلافة وبسقوطها سقطت آخر دولة خلافة للمسلمين، لم يتبق للأمة الإسلامية منذ ذلك التاريخ دولة حقيقية تمثلهم، ولم يعودوا يحيون في جماعة إسلامية يقودها خليفة مبايع شرعًا على العمل بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم. ـ سقطت دولة الخلافة وبسقوطها سقط ظل دار الإسلام من على الأرض، الذي كان يظل كل المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها. الدولة العثمانية 699 ـ 1343 هـ. العثمانيون من شعب التركي، وأصلهم من بلاد التركستان، نزحوا أمام اكتساح جنكيز خان لدولة خوارزم الإسلامية، بزعامة سليمان الذي غرق أثناء عبوره نهر الفرات سنة 628 هـ فتزعم القبيلة ابنه أرطغرل الذي ساعد علاء الدين السلجوقي في حرب البيزنطيين فأقطعه وقبيلته قطعة من الأرض في محاذاة بلاد الروم غربي دولة سلاجقة الروم. وهذه الحادثة حادثة جليلة تدل على ما في أخلاقهم من الشهامة والبطولة. ويعتبر عثمان بن أرطغرل هو المؤسس الأول للدولة العثمانية، وبه سميت، عندما استقل بإمارته سنة 699 هـ وأخذت هذه الإمارة على عاتقها حماية العالم الإسلامي، وتولت قيادة الجهاد، وأصبحت المتنفس الوحيد للجهاد ،فجاءها كل راغب فيه. وفي عام 923 هـ انتقلت الخلافة الشرعية لسليم الأول بعد تنازل المتوكل على الله آخر خليفة عباسي في القاهرة… وبهذه العاطفة الإسلامية المتأججة في نفوسهم ممتزجة بالروح العسكرية المتأصلة في كيانهم، حملوا راية الإسلام، وأقاموا أكبر دولة إسلامية عرفها التاريخ في قرونه المتأخرة… وبقيت الحارس الأمين للعالم الإسلامي أربعة قرون، وأطلقوا على دولتهم اسم (بلاد الإسلام) وعلى حاكمها اسم (سلطان) وكان أعز ألقابه إليه (الغازي) أي:المجاهد. وحكموا بالعدل وعملوا بالشرع الإسلامي في القرون الثلاثة الأولى لتكوين هذه الدولة… ووسعوا رقعة بلاد الإسلام شرقاً وغرباً واندحرت الأطماع الصليبية أمامهم وحقق الله على أيديهم هزيمة قادة الكفر والتآمر على بلاد المسلمين وارتجفت أوروبا خوفاً وفزعاً من بعض قادتهم أولئك الذين كانت الروح الإسلامية عندهم عالية . . وكانت روح الانضباط التي يتحلى بها الجندي عاملاً من عوامل انتصاراتهم وهي التي شجعت محمد الثاني على القيام بفتوحاته. وكانت غيرتهم على الإسلام شديدة وكثر حماسهم له، لقد بدءوا حياتهم الإسلامية بروح طيبة وساعدتهم الحيوية التي لا تنضب؛ إذ إنهم شعب شاب جديد لم تفتنه مباهج الحياة المادية والثراء، ولم ينغمس في مفاسد الحضارات المضمحلة التي كانت سائدة في البلاد التي فتحوها، ولكنهم استفادوا منها فأخذوا ما أفادهم، وكانت عندهم القدرة على التحكم والفتح والانتصار وقد أتقنوا نظام الحكم وخاصة في عصر الفاتح، إذ كان هناك نظام وضع لاختيار المرشحين لتولي أمور الدولة بالانتقاء والاختيار والتدريب والثقافة، كما كانوا يشدد ون في اختيار من تؤهله صفاته العقلية والحسية ومواهبه الأخرى المناسبة لشغل الوظائف، وكان السلطان رأس الحكم ومركزه وقوته الدافعة وأداة توحيده وتسييره، وهو الذي يصدر الأوامر المهمة والتي لها صبغة دينية، وكان يحرص على كسب رضاء الله وعلى احترام الشرع الإسلامي المطهر. فكان العثمانيون يحبون سلاطينهم مخلصين لهم متعلقين بهم فلم يفكروا لمدة سبعة قرون في تحويل السلطة من آل عثمان إلى غيرهم. ولكن الأمور لم تستمر على المنهج نفسه والأسلوب الذي اتبعوه منذ بزوغ نجمهم في صفحات التاريخ المضيء فقد بدأ الوهن والضعف يزحف إلى كيانهم. لماذا الحديث عن هذه الذكرى لم تكن ذكرى سقوط الخلافة في يوم من الأيام ذكرى دينية بالمعنى الشرعي، وإن كانت تتعلق بأعظم واجبات الدين ألا وهو وجوب إقامة الدولة الإسلامية لتطبيق الشرع، ولا هي ذكرى احتفالية يرجى من ورائها أن نتجرع كأس الألم والحسرة. ولكنها ذكرى أردت من الحديث عنها. أولاً: إشاعتها بين السواد الأعظم من المسلمين. وتعريف المسلمين بأهمية هذا الواجب الذي وصفه القلقشندي: بـ"حظيرة الإسلام، ومحيط دائرته، ومربع رعاياه، ومرتع سائمته، والتي بها يحفظ الدين ويُحمى، وبها تُصان بيضة الإسلام، وتسكن الدهماء، وتقام الحدود فتمنع المحارم عن الانتهاك، وتُحفظ الفروج فَتُصان الأنساب عن الاختلاط، وتُحصن الثغور فلا تطرق، ويُذاد عن الحُرَمِ فلا تُقرع". تلك المعاني التي افتُقدت فعلاً هذه الأيام واختفت بسقوط دولة الخلافة. ثانيًا: إثارة نوازع الوحدة بين الشعوب المسلمة مع اختلاف مشاربها وأقطارها، ومع اختلاف أحزابها وتجمعاتها. ثالثًا: تحريك الغافلين من أجل العمل لهذا الدين، واستعادة مجده. رابعًا: ربط الأجيال الجديدة بماضيها التليد، وأن الحديث عن مجد هذه الأمة لا يرتبط فقط بعصر الصحابة وما تبعه. بل لنا في العصر الحديث أيضًا ماض يفتخر به. خامسًا: إثارة الغبار عن تاريخ نُسي أو نُسِّي، ودعوة لنشر هذا التاريخ وتدريسه للتلاميذ في المدارس، و طلبة العلم في المساجد، وهو تاريخ السلاطين العثمانيين الذين أقاموا دولة عاشت أكثر من ستة قرون، وامتدت رقعتها الجغرافية إلى آسيا وأوروبا وإفريقيا، وكانت جيوشها أكثر جيوش العالم عددًا وأحسنها تدريبًا وتسليحًا وتنظيمًا، فقد عبرت جيوش هذه الدولة الفتية البحر من الأناضول إلى جنوبي شرق ووسط أوروبا، وفتحت بلاد اليونان، وبلغاريا، ورومانيا، ويوغسلافيا، والمجر، ورودس، وكريت، وقبرص، وألبانيا حتى بلغت مشارف فيينا ـ عاصمة النمسا ـ وجنوبي إيطاليا؛ فكانت أول دولة إسلامية تصل إلى هذا العمق في الأرض الأوروبية. سادسًا: توعية المسلمين بطبيعة المرحلة، ومحاولة تسليحهم بالثقافة الإسلامية، والفقه السياسي المتشبع بالنظرة الشرعية للأمور، لا ترهات الديمقراطية، والحرية... سابعًا: الاستفادة من الماضي، واستهلام السنن الإلهية في النصر والتمكين، واستخلاص الدروس والعبر مما قد يفيد في استشراف المستقبل بالتخطيط المتزن، تحقيقًا لوعد الله: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ } الدروس والعبر 1- إن التمكين في الأرض لأي طائفة كانت أو فئة إنما هو هبة من الله تعالى ونعمة، وضع الله له شروطًا ومقدمات لا يقوم إلا بها، فإذا استوفت أمة من الأمم الشروط والمقدمات، استحقت التمكين والغلبة والظهور، ويظل بقاؤها واستمرارها على هذا التمكين مرهونًا بهذه الأسباب ذاتها، فإذا فقدت شيئًا منها، أو أخلت بها فقدت عوامل البقاء، وانحدرت إلى هاوية الذل والهوان والضعف. وهذا مع حدث مع بني عثمان، فلما دب فيهم الضعف والهوان والبعد عن منهج الله وصار الظلم والبذخ عادة سلاطينهم نزع الله ما في أيديهم. 2ـ التخطيط والتدبير . فقد قابل المسلمون سقوط الخلافة بردات فعل عاطفية، في حين دبر الأعداء وخطط لإسقاطها عشرات السنين حتى تمكنوا منها. 3ـ تفسير الأمور و الأحداث التي تطال الأمة، تفسيرًا شرعيًا بعيدًا عن خزعبلات العلمانيين والمتشدقين؛ فالحروب والوقائع والأحداث التي تمر بالأمة، كلها صور من صور الصراع بين الحق والباطل، بين الإسلام والكفر، بين الهدى والضلال، وقراءة التاريخ تريك ذلك رأي العين. 4ـ أن قوة المسلمين في توحدهم وتماسكهم، ولذلك سعت الدول الأوروبية وحرصت على تفكيك وحدة المسلمين. 5 ـ أن الخلافة هي الإطار السياسي الشامل الذي يجمع كلمة المسلمين ويوحدهم ويضمن لهم القوة والتماسك ويعمل على إقامة الدنيا، وحراسة الدين. 6ـ الاهتمام بالتربية، والإعداد الإيماني قبل الخوض في مقارعة الباطل، ذلك أن الاهتمام بالجانب المادي وحده قد يؤدي إلى نصر سريع لكنه يحتاج بعد ذلك إلى نوع آخر من الإعداد يستطيع الوقوف أمام المغريات، ولا يتأتى هذا إلا بتربية عميقة. 7ـ صفاء المعتقد، والتصورات وفق مذهب أهل السنة والجماعة، والأخذ على يد المبتدعة والفرق الضال، فلقد اكتفى العثمانيون بالإسلام بمفهومه العام وغطوا الطرف عن الفرق الباطنية التي كان لها أكبر الأثر في سقوط الخلافة في النهاية. 8 ـ العزة والنصر والسؤدد كلها في الإسلام، وهذا من أعظم الدروس المستفادة من سقوط الخلافة. فبعد أكثر من ثماني قرون قطعت تركيا صلتها بالعالم الإسلامي، وألغت الخلافة الإسلامية، واختارت لها دستورًا مدنيًا بدلاً من الدستور العثماني المستمدة أحكامه من الشريعة الإسلامية، وألغت وزارتي الأوقاف والمحاكم الشرعية، وحوّلت المدارس الدينية إلى مدنية، وأعلنت أنها دولة علمانية، وأغلقت كثيرًا من المساجد.، وصدر قانون يحكم بالإعدام على من يتآمر لعودة الخلافة. وها هو "أتاتورك" ـ أول رئيس تركي ومن ألغيت على يده الخلافة ـ يجوب تركيا لابسًا القبعة الإفرنجية،وشرع قانونًا لنزع حجاب المرأة المسلمة، وكان نزع الحجاب يتم بالإرهاب والإهانة في الطرقات، فكانت الشرطة إذا رأت امرأة متحجبة تقوم بنزع حجابها فورًا وبالقوة. وألغى التعامل باللغة العربية، وألغى العيدين، وجعل عطلة الأسبوع يوم الأحد، وعطلت الصلوات بمسجد أيا صوفيا، وأُسكت المؤذنون، وتحول المسجد إلى متحف وبيت أوثان، حتى الآيات التي كانت على جدرانه أمر بطمسها. في سنة 1926م ألغى الزواج الشرعي، وجعله مدنياً فقط، وأصدر قانوناً يمنع تعدد الزوجات، واستبدل التقويم الهجري بالتقويم الميلادي. ولكن رغم كل هذا ـ والذي يحلم كثير من علمانيينا بتحقيق نصفه ويعدونا بالتقدم إن سرنا على نهجهم ـ ها هي تركيا (العلمانية) ما زالت حتى يومنا هذا غير مرغوب فيها أوروبيًا،وترزح تحت نير الفقر والضعف ولم تلحق بركب التقدم، ففقدت الدولة مجدها القديم ولم تستطع تحقيق مجد جديد. فحريًا بالمسلمين جميعًا على اختلاف انتماءاتهم ومشاربهم وأحزابهم، أن يقفوا عند هذه الذكرى، ويتأملوا فيها، لتصبح عودة الخلافة مطلبًا جماهيريًا، ولتكن الصحوة الإسلامية أول من يطالب بعودتها، ثم يشارك كل فرد ولو بنصيب قليل في هذا الفضل العظيم، لإبراء ذمته أمام الله. بقلم: أحمد محمد عمرو
توقيع : حياة
|
||
05-04-07, 10:51 PM | #3 | ||
عضوية متميزة
رقم العضوية : 128
تاريخ التسجيل : Jul 2002
عدد المشاركات : 286
عدد النقاط : 10
|
رد: كيف ألغيت الخلافة ؟
طاحت الخلافه وطاح المسلمين
يعطيك العافيه اخوي
توقيع : Honey
وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن في الليل لساعةً لا يوافقها رجلٌ مسلم يسأل الله خيراً من أمر الدنيا والآخرة، إلا أعطاه إياه، وذلك كل ليلةٍ)) وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((رحم الله رجلاً قام من الليل فصلى، وأيقظ امرأته فصلَّت، فإن أبت نضح في وجهها من الماء، ورحم الله امرأة قامت من الليل فصلَّت، وأيقضت زوجها فإن أبى نضحت في وجهه الماء |
||
06-04-07, 03:48 PM | #4 | ||
خطوات واثقة
رقم العضوية : 156
تاريخ التسجيل : Jul 2002
عدد المشاركات : 178
عدد النقاط : 10
|
رد: كيف ألغيت الخلافة ؟
وهكذا نجحت أحقاد الغرب في إلغاء الخلافة الإسلامية التي لم تنقطع منذ وفاة النبي (صلى الله عليه وسلم
تحياتي خربوش |
||
29-04-07, 03:03 AM | #5 | ||
مشرف أول
رقم العضوية : 4355
تاريخ التسجيل : Mar 2006
عدد المشاركات : 2,085
عدد النقاط : 10
|
رد: كيف ألغيت الخلافة ؟
الأخت العزيزة
دموع القمـــر موضوع رائع وزاد من روعته مشاركة الأخت العزيزة حيــــــاة أما مصطفى كمال أتاتورك فعليه من الله ما يستحقه فلم يلغي الخلافة فقط بل صنع أمور أخرى كثيرة منها : جعلها دولة لا دينية ( علمانية ) ومنع الأذان وجعل الأجازة يوم الأحد بدلا من الجمعة وجعل اللغة التركية تكتب بالحروف اللاتينية بدلا من الحروف العربية
توقيع : معاذ
زهرة الشرق
|
||
26-08-07, 08:44 AM | #6 | ||
زهرة الشرق
رقم العضوية : 11
تاريخ التسجيل : Jun 2002
عدد المشاركات : 4,578
عدد النقاط : 508
|
رد: كيف ألغيت الخلافة ؟
.
أهلا بك أخي دموع القمر . . يبدو أن غيبتك عن الزهـرة ستطول أكثر من المتوقع الخلافة ضاعت مع أتاتورك والمتآمرين معه . . ولكنها إرداة الله هكذا في كل زمان ومكان نجد أن هناك من يتآمرون في الظلام ويحيكون مؤامراتهم في سواد الليل الخلافة لم تكن لتضيع لولا تقاعس المسلمين وغض الطرف عما يجري . . تماما كما نفعل نحن الآن مع حقنا المسلوب شكرا لك دموع القمر شكرا لكِ حياة . . مع محبتيlonely
توقيع : lonely
|
||
|
|
زهرة الشرق - الحياة الزوجية - صور وغرائب - التغذية والصحة - ديكورات منزلية - العناية بالبشرة - أزياء نسائية - كمبيوتر - أطباق ومأكولات - ريجيم ورشاقة - أسرار الحياة الزوجية - العناية بالبشرة
المواضيع والتعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي منتديات زهرة الشرق ولا نتحمل أي مسؤولية قانونية حيال ذلك
(ويتحمل كاتبها مسؤولية النشر)