الجنوح الغارب

وجه ترابي ينبثق من الذاكرة
مواويل راهقة تتسرب إليه من معزف قديم
.. تشد أذنيه ..
يتشح قلبه بالحزن ...
يستفيض بمذاق طعنات بطيئة
ينوس فى عينيه غبش أضواء مرافئ بعيدة..
يتعثر بالصمت المتكدس في الطرقات التي يعشعش فيه الخواء
.... وانزواء الأتربة المتلبدة ......
يستجعل السؤال نبضاً مجنوناً ....
يرتج كبوابة سجن قديم أغلق
صدى يتسع في متاهات الرأس الأجوف ...
يمد لساناً أخرس ينز بالملح
على شفتيه اليابستين كلمات تشكُل مقاطع حصاد مر
وفى عينيه الخائبتين هيئة فارس قديم
كانت تلك أولى رايات الجنوح الغارب
سحب من سواد الليل ترتديه قناعاً ينسج الضؤ كآبة حزن
يرتدى الظلام كفناً يتلألأ كنصل
يزحف كالحجر حنيناً للنداء
لا تسأليني ياجوابة هذه القفار عن مهنتي ..
حيث ينطفئ السؤال المستباح عبر هذه المتاهات
حيث لا قيمة لبوح اخرس وجرح ينزف في الظلمة
قاتلتني كل المدن التي ارتميت بعذاباتها
لفظتني ككلاب السكك...
حبوت مبرقشاً بكل أحزانى
علني أستفيق
بين الخطوة والخطوة المعتلة فأجاءنى صوت
أين سيفك يا هذا ؟
محظوراً أن تمشى وحيداً ينتظر صحوك مشنقة
استحلفت الصمت المتسلق هامتي المتطاوحة ..
..فتوارت الكلمات
وبلسان اخرس أجبت
غيبته المدن الجليلة بضياعها ( سيدي )
وارتميت آخر القافلة
شرير هذه القفار التي تلعنني صباح مساء
وقلت ( السيف المكسور يفتش عن قبر يآويه )
وأنت اقفلي بابك الوثني وامتطى الريح
سال على وجهي رذاذ الأمس في الليالي الموحشات
تفطر قلبي ولوى الزمام له ....
تم ماذا ؟
أخرسني كأنه يمزق النياط ..
هناك شئ يخلفني عنه قلبي
لا جدوى من كلام مع قتيل يزغرد رداء الريح...
يلوح عرفه تلهث فرائص الوصول في صدره
تبتلعه العتمة ..
يغرق فى المدن الجليلة بضياعها
تقدح سنابكه بالإسفلت
مولدة شرارات نارية
يختنق بالأرصفة.......
تم ماذا بعد ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟