الأغاني بين الأمس واليوم

قال لي أحدهم: "ستموت منتحراً بقلمك..زرعت في كل حارة عدوا صديقا ينتظر سقوطك منتحراً بحماقاتك وعندها سنهيل التراب على مقالاتك ونترك جثتك للبعوض والدبابير"...قلت: طز..فلتذهبوا إلى الجحيم...

في الماضي، أعني بالأمس، كنا نسمع الأغاني وكانت تملأ مساحة من الطرب نهيم فيها ونحلق في فضاء القصيدة .. كنا نتعلم من كلماتها كلمات نسرقها في المناسبات ، نزرعها في رسائل غرام نمررها على طالبات المدارس وننتظر عبورهن الطريق حالمين..ندندن بأغنية لعبد الحليم حافظ أو نرشق طريقهن بكلمات أمير الشعراء ممسوجة القوام بلحن لم يفقد وتره ووتيرته!!

اليوم...نسمع ضجيج الأغاني وفتات الكلمات حتى أصبحنا نقارن فتيات المدارس وعابرات الطريق بأولئك اللواتي يشغلن الفضائيات بلباس نومهن الشفاف...فوجدتني في مرحلة "أخاصمك آه"...رغم أن واقعنا يفرض علينا مصالحات وتنازلات لا غني عنها قبل أن تقصفنا طائرات الأباتشي..وأنا بصراحة لست مستعداً للتضحية من أجل سواد عيون نانسي عجرم ووسامة وائل كفوري...سأصالح..أو هكذا على الأقل ينتظر مني بعض القراء كما أشار صاحبنا...

المطربون لا يبحثون عن لحن ولا كلمة بل أصبحوا يبحثون عن مساحة في الفضائيات وصبايا جميلات على استعداد للتصالح والتنازل مع "الهوا الطاير" ليصل هذا المطرب أو تلك المطربة إلى قائمة الـ "توب تن"...
بالمقابل تعد إسرائيل بدورها قائمة الـ "توب تن" لأشهر المطلوبين.مطلوبين .ليس للعدالة بل للتصفية الجسدية...والسعودية التي تمول الفضائيات بيد لصنع مشاهير ونجوم على حساب "الذوق العام" في قائمة التوب تن..تموّل من جهة أخرى الإرهاب والجهات الأصولية..أما جديد السعودية مؤخراً فهي قائمة طازجة لمؤسسات انسانية وخيرية مطلوبة بحجة تمويل الإرهاب...

الإرهاب اصبح فضفاضاً مثل ذمة أصحاب الصحف والأقلام المأجورة...وصارت قوائم الإرهاب والمطلوبين في مشارق الأرض ومغاربها تشمل مؤسسات انسانية ودور أيتام وبعض المحسنين...والسلطة الفلسطينية أيضاً التي ولدت من رحم المعاناة أعدت قائمتها من المؤسسات التي ترعى المحتاجين الفلسطينيين والأيتام والمعاقين وأسر الشهداء...
أما نانسي عجرم التي نافست صدام حسين والذي تصدر بأشرطته الأخيرة قائمة أفضل المبيعات..فهي جامعة عربية قائمة بذاتها.. تخاصم هذا وتصالح ذاك..وتجوب الدول العربية بحرية لا يتمتع بها بعض الزعماء والقادة العرب مثل الرئيس الفلسطيني المحاصر في غرفة نومه ورغم هذا يقاوم الإرهاب من سريره...

شعبان عبد الرحيم لم يسلم سلاحه ملبيا نداء عبد الحليم حافظ في "خلي السلاح صاحي" فبقى مستيقظا وسلاحه...بل وعبر عن كرهه لإسرائيل وحبه لعمرو موسى وغنى للانتفاضة وأقلع عن التدخين في "حابطل السجاير"...

باختصار، بعد أن أصبحت أدوارنا ثانوية في فيديو كليب بحجم الفجيعة اسمه "الحياة"...صرنا نبحث عن أدوار رئيسة في حياة أخرى في مكان نستطيع أن نستمع فيه إلى أغاني موزونة كلمة وإيقاعاً.. عن حياة جديدة لا نضطر فيها إلى متابعة الأخبار من قناة إلى أخرى بانتظار هزيمة جديدة...نشرة أخبار لا يحررها "عزرائيل" وفضائيات لا تربض على قلوبنا كالمصيبة وجيل لا يخرج من أرحام الأمهات متأمركا بحكم الجينات الموروثة..صرنا نبحث عن نشرة أخبار لا تحمل بين صفحاتها أكثر من 10 قتلى في اليوم..نشرة أخبار لا نتجرعها كالبصقة التي فرّت من فم مذيعها..صرنا نبحث عن أماكن نزورها غير مضطرين إلى نفي الإرهاب عنا كتهمة...إلى مطارات نعبرها دون أن نرتعش أمام موظف الجوازات...

ولكن هيهات.."المخرج عاوز كدة"..

قبل قليل..قبل دمعيتن في تمام الثانية عشر بكاءً... كنت أقلب بعض المحطات الفضائية – وما أكثرها – حتى استمعت إلى اغنية يؤديها طفل..ورأيت أن كلماتها أكثر تعبيرا من خطابات زعماء الأمة ومقالات كتابها فقد قال الطفل مخاطباً أباه فيما يبدو: إنتَ حب أنا صح..تاتا فيها واوا يح..ماما بتقول بابا أوبح.. ووجدتني لا شعوريا أردد مع الطفل أوبح...أوبح..أوبح.."قلتها ثلاثاً أي والله"..

وقبل نكبتين كنت قد أدمنت أغنية "آلو بابا فين" ورأيت فيها اسقاطاً سياسيا...أما "شعبولا" فهو مطرب المرحلة وأخذ على عاتقه مهمة شحن الجماهير والموبايل بعشرين فولت لا أكثر...وهذا ما نسميه حماسة الرقص أو الرقص الوحدوي في مجابهة الامبريالية...طبعا "شعبولا" لا يعرف الإمبريالية ولكنه يجيد طبخ الملوخية وقلي الطعمية وترقيص الأمة العربية على مصائبها اليومية ...وانتفاضة يا جدع!!

في إطار البحث عن حياة جديدة في مكان آخر وجدت في اقتراب كوكب المريخ من الأرض منذ فترة فرصة ذهبية للتعلق بأذيال هذا الكوكب الذي قيل لنا أنه سيقترب من الأرض في دورة لا تتكرر إلا كل 300 عام...أعددت العدة ودعوت آخرين للحاق بي إلى المريخ علنا نجد مكانا لا نضطر فيه إلى الوقوف على عتبات الحكام وأصحاب القرار نتسول الدمعة ونستجدي لقمة الخبز وكيس القمح ...ورابطت مع المرابطين عند أعلى قمة لكنني لم أر ذيل الكوكب ولم أر الكوكب سوى نقطة مضيئة لم أفرقها عن بقية النجوم...ذابت النقطة المضيئة بين النقاط الأخرى المشعة في السماء..صفق الذي صفق واحتفل الذي احتفل ووجدتني أعود إلى منزلي أجرجر أذيال الخيبة وفي صدري ألف ثقب أوزون وأخذت أردد : أوبح...أوبح...أوبح...أح...

في اليوم التالي..دعوت أعضاء المجموعة التي رافقتني من المتأمرخين "على وزن المتأمركين" إلى لقاء آخر بعد 300 عام لنلتحق بوطننا الأم...المريخ..ولكن حتى لو تحقق هذا الحلم...ترى هل نسلم من يوم نتهم فيه بالإرهاب الكوني...أخشى ما أخشاه أن يكون ضابط المخابرات – ما غيره – بانتظارنا على سطح كوكب المريخ يفتش حقائبنا ويصادر أحلامنا...


عليكم اللعنة!!

صحيح ..هذا زمن عجرم ومثيلاتها ..ومن انتقد وصف بانه لا ذوق له

ولا يتذوق الفن الراقي ؟؟؟؟؟؟؟؟؟

واذا زاد من حدة انتقاده ادخل الدائرة الجاهزة "رجعي ويحارب الفن "

واذا تمسك اكثر بمبادئه ياللا السلامة " ارهابي ولا شك "

هذا هو حالنا وسيظل مادامت امريكا هي المسيطرة على العالم ...ومادام المتامركون هم المسيطرون على العالم الحالم بعقد مؤتمره في المريخ
مقال رائع

سلمت يمينك اخي الفنان

[align=center]اليوم...نسمع ضجيج الأغاني وفتات الكلمات حتى أصبحنا نقارن فتيات المدارس وعابرات الطريق بأولئك اللواتي يشغلن الفضائيات بلباس نومهن الشفاف...فوجدتني في مرحلة "أخاصمك آه"...رغم أن واقعنا يفرض علينا مصالحات وتنازلات لا غني عنها قبل أن تقصفنا طائرات الأباتشي..وأنا بصراحة لست مستعداً للتضحية من أجل سواد عيون نانسي عجرم ووسامة وائل كفوري...سأصالح..أو هكذا على الأقل ينتظر مني بعض القراء كما أشار صاحبنا...
.
اشتقنا كثيرا لإطلالة السيدة الكبيرة
فيروز صاحب الصوت الملائكي
غاب حضورها وغاب الفن والصوت الذي يسحر
ويجعل القلب ينفطر لقوة حضورها وثباتها على المسرح
تنشد ونرحل معها بصحبة الأخوان الرحباني
هيهات أن نجد من يشبه تلك السيدة الرقيقة..
.[/align]
.

اهلا بك اخي الفنان الغائب الحاضر

فيا هلا والف مرحبا بك معنا من جديد

ذابت النقطة المضيئة بين النقاط الأخرى المشعة في السماء.. صفق الذي صفق واحتفل الذي احتفل ووجدتني أعود إلى منزلي أجرجر أذيال الخيبة وفي صدري ألف ثقب أوزون .

يقول المثل الدارج الكثرة تغلب الشجاع) وان كنت اعتقد انها مؤقتة وليس دائمة ، لا شك أن صوتهم مسموع كونهم يملكون الوسائل ونحن من تطمس أخبارنا وأن كان دويها مسموع رغم أنوفهم ، ومن يدري ربما اليوم لهم وغدا لنا ولن يضيع حق وله مطالب . لن يخيفنا علو الامواج طالما ثباتنا هو المنشود وهو من سيحقق المطلوب

تحيتي لك