|
أوراق ثقافية دروس اللغة العربية - نصوص أدبية - مقالات أدبية - حكم عالمية [أنا البحر في أحشاءه الدر كامن - فهل سألوا الغواص عن صدفاتي] |
|
أدوات الموضوع |
08-02-03, 08:26 PM | #1 | ||
العضوية البرونزية
رقم العضوية : 629
تاريخ التسجيل : Jan 2003
عدد المشاركات : 451
عدد النقاط : 10
|
شاعر المهجر جبران والحسناء مى
أن تنشأ بالمراسلة علاقة أدبية تتحول الى عاطفة وتستمر عشرين سنة ، بين مي وجبران، بدون أن يجمع بينهما مكان ، فتلك ظاهرة عجيبة ما سجل التاريخ الادبي لها مثيلا.
دامت هذه العلاقة ، بالنسبة لجبران ، حتى غروبه ، واستمرت في مخيلة مي وهواجسها حتى موتها . أغرب مافي الامر أن هذه الصلة الحميمة ما قامت بين منفيين ، ولا بين سجينين ، بل بين نجمين ساطعين في المجتمع وفي عالم الادب عاشا عازبين طليقين في مدينتين عظيمتين ، القاهرة ونيويورك ، وفي عصر قصرت وسائل مواصلاته جوا وبحرا المسافات . هذه القصة العجيبة يرويها اخير كتاب (قصة حب أغرب من الخيال بين مي وجبران) انها تروي حكاية عملاقين من عمالقة الادب العربي اضافوا اليه روحا جديدة في فترة كان التجديد مطلب أساسي لصفوة المثقفين ورواد الادب والفكر . ومي كانت محط اعجاب وحب كثير من رجال الادب والعلم والفكر وعلى راسهم عملاق الادب العربي (عباس محمود العقاد) جُبران خليل جُبران كاتب و شاعر ورسّام ونحّات لبناني (1883-1931م) ولد في "بشري بلبنان، وتعلم في "مدرسة الحكمة" ببيروت هوي الأدب والرسم معاً، فاتجه الى باريس لدراسة الفن، وهناك اتصل بالمثَّال العالمي "رو دان". هاجر صبياً مع بعض أقاربه الى الولايات المتحدة، ثم عاد اليها شاباً. وهناك مارس الرسم، وأنتج معظم شعره ونثره.. وحين الفت "الرابطة القلمية" من أدباء المهجر في نيويورك عام 1920م، انتخب عميداً لها. وكان عضاؤها من أشد دعاة التجديد تحمساً. من أعماله الأدبية المجموعات القصصية: (الأرواح المتمردة) و (الأجنحة المتكسرة) وكثير من الشعر المنثور مثل: "عرائس المروج"، و "رمل وزبد". وقليل من النظم مثل "المواكب". كتب "النبي" بالإنجليزية وترجم إلى العربية، وقد ترجم إلى العديد من اللغات الحية وبيعت منه ملايين النسخ. وهذه بعض من كتاباته: 1. الصداقة... ثم قال له شاب: هات حدثناعن الصداقة. فأجاب و قال: إن صديقك هو كفاية حاجاتك. هو حقك الذي تزرعه بالمحبة و تحصده بالشكر. هو مائدتك و موقدك. لأنك تأتي إليه جائعا, وتسعى وراءه مستدفئا. *** فإذا اوضح لك صديقك فكره فلا تخش ان تصرح بما في فكرك من النفي, او ان تحتفظ بما في ذهنك من الإيجاب. وإذا صمت صديقك ولم يتكلم, فلا ينقطع قلبك عن الإصغاء إلى صوت قلبه; لأن الصداقة لا تحتاج إلى الألفاظ والعبارات في إنماء جميع الأفكار والرغبات والتمنيات التي يشترك الأصدقاء بفرح عظيم في قطف ثمارها اليانعات. وإن فارقت صديقك فلا تحزن على فراقه; لأن ما تتعشقه فيه, أكثر من كل شيء سواه, قد يكون في حين غيابه أوضح في عيني محبتك منه في حين حضوره. لأن الجبل يبدو لمن ينظر إليه من السهل أكثر وضوحا مما يظهر لمن يتسلقه. ولا يكن لكم في الصداقة من غاية ترجونها غير أن تزيدوا في عمق نفوسكم. لأن المحبة, التي لا رجاء لها سوى كشف الغطاء عن أسرارها ليست محبة بل هي شبكة تلقى في بحر الحياة ولا تمسك غير النافع. وليكن أفضل ما عندك لصديقك. فإن كان يجدر به أن يعرف جزر حياتك. فالأجدر بك أيضاً أن تظهر له مدها. وما قيمة صديقك الذي لا تطلبه إلا لتقضي معه ما تريد أن تقتله من وقتك؟ فاسع بالأحرى إلى الصديق الذي يحيي أيامك ولياليك, لأن له وحده قد أعطي أن يكمل حاجاتك, لا لفراغك ويبوستك. وليكن ملاك الأفراح واللذات المتبادلة مرفرفاً فوق حلاوة الصداقة. لأن القلب يجد صباحه في الندى العالق بالأشياء الصغيرة, فينتعش ويستعيد قوته. 2. المحبة... حينئذٍ قالت المطرة: حدثنا عن المحبة. فقال: إذا المحبة أومت إليكم فاتبعوها, وإن كانت مسالكها صعبة متحدرة. إذا ضمتكم بجناحيها فأطيعوها, وإن جرحكم السييف المستور بين ريشها. إذا المحبة خاطبتكم فصدقوها, وإن عطل صوتها أحلامكم وبددها كما تجعل الريح الشمالية البستان قاعاً صفصفاً. *** لأنه كما أن المحبة تكللكم, فهي أيضا تصلبكم. وكما تعمل على نموكم, هكذا تعلمكم وتستأصل الفاسد منكم. وكما ترتفع إلى أعلى شجرة حياتكم فتعانق أغصانها اللطيفة المرتعشة أمام وجه الشمس, هكذا تنحدر إلى جذورها الملتصقة بالتراب وتهزها في سكينة الليل. *** المحبة تضمكم إلى قلبها كأغمار حنطة. المحبة على بيادرها تدرسكم لتظهر عريكم. المحبة تغربلكم لتحرركم من قشوركم. المحبة تطحنكم فتجعلكم كالثلج أنقياء. المحبة تعجنكم بدموعها حتى تلينوا, ثم تعدكم لنارها المقدسة, لكي تصيروا خبزاً مقدساً يقرّب على مائدة الرب المقدسة. كل هذا تصنعه بكم لكي تدركوا أسرار قلوبكم, فتصبحوا بهذا الإدراك جزءاً من قلب الحياة. غير أنكم إذا خفتم, وقصرتم سعيكم على الطمأنبنة واللذة في المحبة. فالأجدر بكم أن تستروا عريكم وتخرجوا من بيدر المحبة إلى العالم البعيد حيثما تضحكون, ولكن ليس كل ضحككم; وتبكون, ولكن ليس كل ما في ماقيكم من الدموع. المحبة لا تعطي إلا ذاتها, المحبة لا تأخذ إلا من ذاتها. لا تملك المحبة شيئاً, ولا تريد أن أحد يملكها. لأن المحبة مكتفية بالمحبة. *** أما أنت إذا أحببت فلا تقل: "أن الله في قلبي", بل قل بالأحرى: "أنا في قلب الله". ولا يخطر لك البتة أنك تستطيع أن تتسلط على مسالك المحبة, لأن المحبة إن رأت فيك استحقاقاً لنعمتها, تتسلط هي على مسالكك. والمحبة لا رغبة لها إلا في أن تكمل نفسها. ولكن, إذا أحببت, وكان لا بد من أن تكون لك رغبات خاصة بك, فلتكن هذه رغباتك: أن تذوب وتكون كجدول متدفق يشنف آذان الليل بأنغامه. أن تخبر الآلام التي في العطف المتناهي. أن يجرحك إدراكك الحقيقي للمحبة في حبة قلبك, وأن تنزف دماؤك وأنت راض مغتبط. أن تنهض عند الفجر بقلب مجنح خفوق, قتؤدي واجب الشكر ملتمساً يوم محبة آخر. أن تستريح عند الظهيرة وتناخي نفسك بوجد المحبة. أن تعود إلى منزلك عند المساء شاكراً: فتنام حينئذ والصلاة لأجل من أحببت تتردد في قلبك, وأنشودة الحمد والثناء مرتمسة على شفتيك. 3. الزواج وقالت المطرة ثانية: حدثنا عن الزواج؟ فقال: ولدتما معاً,وتظلان معاً. حتى في سكون تذكارات الله. ومعاً حين تبددكما أجنحة الموت البيضاء. ولكن, فليكن بين وجودكم معاً فسحات تفصلكم بعضكم عن بعض, حتى ترقص أرياح السموات بينكم. أحبوا بعضكم بعضاً; ولكن, لا تقيدوا المحبة بالقيود, بل لتكن المحبة بحراً متموجاً بين شواطئ نفوسكم. ليملأ كل واحد منكم كأس رفيقه; ولكن, لا تشربوا من كأس واحدة. أعطوا من خبزكم كأس رفيقه; ولكن, لا تأكلوا من الرغيف الواحد. غنوا وارقصوا معاً, وكونوا فرحين أبداً; ولكن, فليكن كل منكم وحده, كما أن أوتار القيثارة يقوم كل واحد منها وحده ولكنها جميعاً تخرج نغماً واحداً. *** ليعط كل منكم قلبه لرفيقه; ولكن, حذار أن يكون هذا العطاء لأجل الحفظ, لأن الحياة وحدها تسطتيع أن تحتفظ بقلوبكم. قفوا معاً; ولكن, لا يقرب أحدكم من الآخر كثيراً, لأن عمودي الهيكل يقفان منفصلين, والسنديانة والسروة لا تنموالواحدة منهما في ظل رفيقتها. 4. الأولاد ثم دنت منه إمرأة تحمل طفلها على ذراعيها وقالت له: هات حدثنا عن الأولاد. فقال: أولادكم ليسوا لكم أولادكم أبناء الحياة المشتاقة إلى نفسها, بكم يأتون إلى العالم, ولكن ليس منكم. ومع أنهم يعيشون معكم, فهم ليسوا ملكاً لكم. أنتم تستطيعون أن تمنحوهم محبتكم, ولكنكم لا تقدرون أن تغرسوا فيهم بذور أفكاركم, لأن لهم أفكارأً خاصةً بهم. وفي طاقتكم أن تصنعوا المساكم لأجسادكم. ولكن نفوسهم لا تقطن في مساكنكم. فهي تقطن في مسكن الغد, الذي لا تستطيعون أن تزوروه حتى ولا في أحلامكم. وإن لكم أن تجاهدوا لكي تصيروا مثلهم. ولكنكم عبثاً تحاولون أن تجعلوهم مثلكم. لأن الحياة لا ترجع إلى الوراء, ولا تلذ لها الإقامة في منزل الأمس. أنتم الأقواس وأولادكم سهام حية قد رمت بها الحياة عن أقواسكم. فإن رامي السهام ينظر العلامة المنصوبة على طريق اللانهاية, فيلويكم بقدرته لكي تكون سهامه سريعة بعيدة المدى. لذلك, فليكن التواؤكم بين يدي رامي السهام الحكيم لأجل المسرة والغبطة. لأنه, كما يحب السهم الذي يطير من قوسه, هكذا يحب القوس الذي يثبت بين يديه. مع التحية |
||
08-02-03, 08:29 PM | #2 | ||
العضوية البرونزية
رقم العضوية : 629
تاريخ التسجيل : Jan 2003
عدد المشاركات : 451
عدد النقاط : 10
|
ومن كلمات جبران
لكم لغتكم ولي لغتي: لكم من اللغة العربية ما شئتم، ولي منها ما يوافق أفكاري وعواطفي. لكم منها الألفاظ وترتيبها، ولي منها ما تومئ إليه الألفاظ ولا تلمسه، ويصبو إليه الترتيب ولا يبلغه. لكم منها جثث محنطة باردة جامدة، تحسبونها الكل بالكل، ولي منها أجساد لا قيمة لها بذاتها، بل كل قيمتها بالروح التي تحل فيها. لكم منها محجة مقررة مقصودة، ولي منها واسطة متقلبة لا أستكفي بها إلا إذا أوصلت ما يختبئ في قلبي إلى القلوب وما يجول في ضميري إلى الضمائر. لكم منها قواعدها الحاتمة، وقوانينها اليابسة المحدودة ولي منها نغمة أحول رناتها ونبراتها وقراراتها إلى ما تثبته رنة في الفكر، ونبرة في الميل، وقرار في الحاسة. لكم منها القواميس والمعجمات والمطولات، ولي منها ما غربلته الأذن وحفظته الذاكرة من كلام مألوف مأنوس تتداوله ألسنة الناس في أفراحهم وأحزانهم. لكم لغتكم ولي لغتي. لكم منها العروض والتفاعيل والقوافي، وما يحشر فيها من جائز وغير جائز، ولي منها جدول يتسارع مترنما نحو الشاطىء، فلا يدري ما إذا كان الوزن في الصخور التي تقف في سبيله، أم القافية في أوراق الخريف التي تسير معه. لكم منها الشعراء الفحول الفطاحل الخناذيذ، ومن صدرهم وشطرهم وخمسهم وذيلهم وشرحهم، ولي منها ما يتمشى متهيبا خجلا في قلوب الشعراء الذين لم ينظموا بيتا ولم ينثروا سطرا. لكم منها الرثاء والمديح والفخر والتهنئة، ولي منها ما يتكبر عن رثاء من مات وهو في الرحم، ويأبى مديح من يستوجب الإستهزاء، ويأنف من تهنئة من يستدعي الشفقة، ويترفع عن هجو من يستطيع الإعراض عنه، ويتنكف من الفخر إذ ليس في الإنسان ما يفاخر به سوى الإقرار بضعفه وجهله. لكم لغتكم ولي لغتي. لكم من لغتكم "البديع" و "البيان" و "المنطق" ولي من لغتي نظرة في عين المغلوب، ودمعة في جفن المشتاق، وابتسامة على ثغر المؤمن، وإشارة في يد السموح الحكيم. لكم منها ما قاله سيبويه والأسود وابن عقيل ومن جاء قبلهم وبعدهم من المضجرين المملين، ولي منها ما تقوله الأم لطفلها والمحب لرفيقته، والمتعبد لسكينة ليله. لكم منها "الفصيح" دون "الركيك" و "البليغ" دون "المبتذل" ولي منها ما يتمتمه المستوحش وكله فصيح، وما يغص به المتوجع وكله بليغ، وما يلثغ به المأخوذ وكله فصيح وبليغ. لكم منها "البنيان المرصوص" ولي منها أسراب من الشحارير والبلابل تتطاير وتنتقل مرفرفة بين حقول الخيال ورياضه. لكم منها "الترصيع" و "التنزيل" و "التنميق" وكل ما وراء هذه البهلوانيات من التلفيق، ولي منها كلام إذا قيل رفع السامع إلى ما وراء الكلام وإذا كتب بسط أمام القارئ فسحا في الأثير لا يحدها البيان. لكم منها ماضيها وما كان في ماضيها من الأمجاد والمفاخر، ولي منها حاضرها ومستقبلها بما في حاضرها من التأهب وما سيكون في مستقبلها من الحرية والاستقلال. لكم لغتكم عازفا يتناولكم عودا فيضرب عليكم أنغاما تختارها أصابعه المتظلفة، ولي من لغتي قيثارة أتناولها فأستخرج منها أغنية تحلم بها روحي وتذيعها أصابعي. ولكم أن تسكبوا لغتكم بعضكم في مسامع بعض ليسر ويعجب بعضكم ببعض، ولي أن أستودع لغتي عصفات الريح وأمواج البحر، فللريح آذان أشد غيرة على لغتي من آذانكم وللبحر قلب أربأ بها من قلوبكم. ولكم أن تلتقطوا ما يتناثر خرقا من أثواب لغتكم، ولي أن أمزق بيدي كل عتيق بال، وأطرح على جانب الطريق كل ما يعيق مسيري نحو قمة الجبل. ولكم أن تحنطوا ما يبتر من أعضائها المعتلة، وأن تحتفظوا به في متاحف عقولكم، ولي أن أحرق بالنار كل مفصل مشلول. لكم لغتكم ولي لغتي. لكم لغتكم عجوزا مقعدة، ولي لغتي صبية غارقة في بحر من أحلام شبابها. وما عسى أن تصير إليه لغتكم وما أودعتموه لغتكم عندما يرفع الستار عن عجوزكم وصبيتي؟ أقول أن لغتكم ستصير إلى اللاشيء. أقول أن السراج الذي جف زيته لن يضيء طويلا. أقول أن الحياة لا تتراجع إلى الوراء. أقول أن أخشاب النعش لا تزهر ولا تثمر. أقول لكم أن ما تحسبونه بيانا ليس بأكثر من عقم مزركش وسخافة مكلسة. أقول أن القيظ في نفوسكم يسيركم مرغمين إلى مستنقعات الكلم. أقول أن الصلابة في قلوبكم تخضعكم إلى الرخاوة في ألسنتكم، والصغارة في خيالكم تبيعكم عبيدا من الثرثرة. أقول لكم أنه لا ينتهي هذا الجيل إلا يقوم لكم من أبنائكم وأحفادكم قضاة وجلادون. أقول لكم إنما الشاعر رسول يبلغ الروح الفرد ما أوحاه إليه الروح العام، فإن لم يكن هناك رسالة فليس هناك من شاعر. وأقول إنما الكاتب محدّث صادق، فإن لم يكن هناك من حديث صحيح مقرون ثابت فليس هناك من شاعر. وأقول إنما الكاتب محدث صادق، فإن لم يكن هناك من حديث صحيح مقرون ثابت فليس هناك من كاتب. أقول لكم أن النظم والنثر عاطفة وفكر وما زاد على ذلك فخيوط واهية وأسلاك متقطعة. والآن وقد طلع الفجر، أتحسبون أنني أشكو لغتكم لأبرر لغتي؟ لا والذي جعلني نارا ودخانا بين عيونكم وأنوفكم. إن الحياة لا ولن تحاول تبرئة نفسها أمام الموت، والحقيقة لا ولن تشرح ذاتها لدى البطل، والقوة لا ولن تقف أمام الضعف، لكم لغتكم ولي لغتي. وهذه الكلمات أيضا لجبران عن الشعر: الشعر عاطفة تتشوق إلى القصيّ غير المعروف فتجعله قريبا معروفا، وفكرة تناجي الخفي عبر المدرك فتحوله إلى شيء ظاهر مفهوم. أما الشاعر فهو مخلوق غريب ذو عين ثالثة معنوية ترى في الطبيعة ما لا تراه العيون، وأذن باطنية تسمع من همس الأيام والليالي ما لا تعيه الآذان. ينظر الشاعر إلى وردة ذابلة فيرى فيها مأساة الدهور، ويشاهد طفلا راكضا وراء الفراشة يرى فيه أسرار الكون، ويسير في الحقل فيسمع أغاني البلابل والشحارير وليس هناك شحارير ولا بلابل، ويمشي في العاصفة فيخوض غمار معركة هوجاء بين جيوش الأرض وفيالق السماء. يقف الشاعر أمام شلال فيقول: فيه من السيف الصقيل بريقه وله ضجيج الجحفـل الجرار أبـداً يـرش صـخــوره بـدمـوعـه أتراه يغــسلهـا مــن الأوزار ويرفع عينيه ليلا نحو السماء فيصرخ: أبكي وتصغي إلى بكائي يا رب هل تعشق النجوم ويلتقي بحبيبته فيهمس: وددت الإفاضة قبل اللقاء فـلمـا لـقيـتـك لـم أنـبـس وبــت وإيـاك فــي مـعـزل كـأني وإيـاك في مـجلـس يرى الشاعر ويسمع كل هذه الأمور من خلال برقع الحياة وأنت واقف بجانبه لا ترى غير مظاهرها الخارجية ولا تسمع سوى أصواتها المشوشة فتقول في ذاتك: يا له من خيالي مجنون يتمسك بخيوط العنكبوت ويصعد نحو النجوم على سلم مصنوع من أشعة القمر ويحاول أن يملأ جرته من ندى الصباح بل من السراب. أي فالشاعر يصعد إلى الملأ الأعلى ولكن على سلم أقوى وأبقى من الجبال يصعد بعزم الروح، ويتمسك بحبال غير منظورة ولكنها أمتن من سلاسل الحديد-يتمسك بحبال الفكر ويملأ كأسه من عصير أرق من ندى الفجر- يملأها من خمرة الخيال، والخيال هو الحادي الذي يسير أمام مواكب الحياة نحو الحق والروح. الشاعر يفعل كل ذلك وأنت على الأرض لا تستطيع المسير إلا على قدميك، ولا الصعود إلا على سلم من خشب، ولا السكر إلا من عصير العنب، ولا المسرة إلا بالربح، ولا الألم إلا بالخسارة. الشاعر طائر غريب يفلت من الحقول العلوية ولكنه لا يبلغ الأرض حتى يحن إلى وطنه الأول فيغرد حتى في سكوته، ويسبح في فضاء لا حد له ولا مدى مع أنه في قفص. مع التحية
توقيع : أحزان ليل
|
||
10-02-03, 03:32 AM | #3 | ||
زهرة الشرق
رقم العضوية : 11
تاريخ التسجيل : Jun 2002
عدد المشاركات : 4,578
عدد النقاط : 508
|
.
ليعط كل منكم قلبه لرفيقه; ولكن, حذار أن يكون هذا العطاء لأجل الحفظ, لأن الحياة وحدها تسطتيع أن تحتفظ بقلوبكم. قفوا معاً; ولكن, لا يقرب أحدكم من الآخر كثيراً, لأن عمودي الهيكل يقفان منفصلين, والسنديانة والسروة لا تنمو الواحدة منهما في ظل رفيقتها. كم نحن بحاجة لمثل هذه الاصالة والقدرة على التأمل والتعبير لك شكري وتقديري مع محبتيlonely
توقيع : lonely
|
||
13-02-03, 02:04 PM | #4 | ||
|| ريم اللواتي ||
رقم العضوية : 165
تاريخ التسجيل : Jul 2002
عدد المشاركات : 5,974
عدد النقاط : 10
|
أحزان ليل..
أخي العزيز..تواجد جميل...ومواضيع أجمل.. جميل أن نعرف أن أحد أفلاك الادب العربي يوما ما..كانت أقطاب متحده.. هذا يعطي لجمالية كلماتهم..بُعدا أخر... موضوع شيق..وشكرا لعرضك...لكتابات جبران خليل جبرن فدك |
||
05-07-14, 03:22 AM | #5 | ||
عضوية جديدة
رقم العضوية : 17486
تاريخ التسجيل : Jun 2014
عدد المشاركات : 23
عدد النقاط : 10
|
رد: شاعر المهجر جبران والحسناء مى
يسلمووووووووووو
|
||
|
|
زهرة الشرق - الحياة الزوجية - صور وغرائب - التغذية والصحة - ديكورات منزلية - العناية بالبشرة - أزياء نسائية - كمبيوتر - أطباق ومأكولات - ريجيم ورشاقة - أسرار الحياة الزوجية - العناية بالبشرة
المواضيع والتعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي منتديات زهرة الشرق ولا نتحمل أي مسؤولية قانونية حيال ذلك
(ويتحمل كاتبها مسؤولية النشر)