العودة   منتديات زهرة الشرق > >{}{ منتديات الزهرة الثقافية }{}< > أوراق ثقافية

أوراق ثقافية دروس اللغة العربية - نصوص أدبية - مقالات أدبية - حكم عالمية [أنا البحر في أحشاءه الدر كامن - فهل سألوا الغواص عن صدفاتي]

إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 23-11-14, 09:42 AM   #1
 
الصورة الرمزية هيام1

هيام1
مشرفة أقسام المرأة

رقم العضوية : 7290
تاريخ التسجيل : Apr 2007
عدد المشاركات : 15,155
عدد النقاط : 197

أوسمة العضو
لاتوجد أوسمة لـ هيام1
،، شاعرين في العصر الجاهلي سميا بالمرقشين ،،


ذهب الباحثون القدامى والمعاصرون إلى أن هناك شاعرين في العصر الجاهلي سميا بالمرقشين

1. المرقِّش الأكبر :

على الرغم من تضارب الروايات في حياة المرقش الأكبر إلاّ أن الباحث فيها يجد خطوطاً عريضةً يُطمأن لها، وأخرى فرعية واضحة الزيف والافتعال

صنعتها أفواه الرواة الميّالين إلى القصص الشعبي إذ يجنح بها الخيال نحو كل ما هو غريب وطريف ومشوّق للمولعين بمثل هذا القصص الشعبي الذي يصلح

للتسلية والترف الفكري الهارب من حقائق الحياة ونمطيتها .

ويشير ابن سلام، وفق رأيه، إلى الشعراء الأوائل بقوله : "وكان شعراء الجاهلية في ربيعة : أولهم المهلهل والمرقشان، وسعد بن مالك، وطرفة بن

العبد، وعمرو بن قميئة، والحارث بن حلزة والمتلمس، والأعشى، والمسيب بن علس ."

وقد ترجم له ابن قتيبة في الشعر والشعراء، فقال : "هو ربيعة بن سعد بن مالك، ويقال بل هو عمرو بن سعد بن مالك بن ضبعة بن قيس بن ثعلبة وسُمّي

المرقش بقوله :الدارُ قفرٌ والرسومُ كما * رقَّش في ظهر الأديم قَلَم

وينقل ابن رشيق في العمدة رأي ابن سلام في قدم ربيعة في الشعر، ثم يقول:"ومنهم المرقشان ؛ الأكبر منهما عم الأصغر، والأصغر عم طرفة بن العبد،
واسم الأكبر عوف بن سعد، وعمرو بن قميئة ابن أخيه، ويقال : إنه أخوه، واسم الأصغر عمرو بن حَرْملة، وقيل : ربيعة بن سفيان ."

وقد تقصت محققة ديوانه كارين صادر، فوجدت له أكثر من اسم، فهو عمرو بن سعد، أو عوف بن سعد، أو ربيعة بن سعد، أو ربيعة بن حرملة، أو حرملة بن

سعد، أو عمرو بن حرملة، فضلاً عن ما اشتهر به مرقّش كما رجحه بلاشير، ثم انتهت إلى رأي وهو : "عمرو بن سعد بن مالك بن ضبيعة بن قيس بن

ثعلبة البكري الوائلي، وهذا الرأي يسعفه قول كل من ابن الكلبي (المتوفى 204هـ) والآمدي (المتوفى 371هـ) وابن حزم الأندلسي (المتوفى

456هـ) وترجحه الأسباب التالية :

- إن عوفاً هو اسم عمّه، ووالد حبيبته أسماء الملقب أيضاً بالبرك …
- وإن ربيعة هو أخ للمرقش، ولم يحقق في حياته ما يجعله حاضراً أمامنا كشخصية متميزة …
- وأمّا حرملة : فهو أخو المرقش، وقد ناداه وأنس ليأخذا بثأره من الغفلي.

وفي حياة المرقش خيال واسع جعل منها قصة أسطورية، أو خرافية ويبدو أن حبه لأسماء بنت عمه قد فسح للرواة مجالاً لا حدود له في نسج خيوطها المأساوية كونه لم يوفق بالاقتران بها .

ولهذا كان، في عرف الناقلين للتراث، أحد عشاق العرب المشهورين ويروون قصة حبه لأسماء أن والده أرسله وأخاه حرملة إلى الحيرة لتعلّم الكتابة على يد

مسيحي هناك لتكون لهما مكانة مرموقة لدى قومهما، وكان قبل سفره عشق ابنة عمه أسماء فطلبها من أبيها، فرفض إعطاءه لصغر سنه، وأنه لم يعرف الشدة

بعد، فشد المرقش رحاله إلى ملك من الملوك، فكان عنده زماناً ومدحه فأجازه .

غير أن سنة شديدة أصابت عوفاً، فأتاه رجل من مراد أحد بني غُطَيْف فأرغبه في المال، فزوّجه أسماء على مئة من الإبل، ثم تنحى عن بني سعد بن مالك،

وحين رجع المرقش، ارتأى أخوته ألا يخبروه خوفاً عليه، فذبحوا كبشاً وأكلوا لحمه، ودفنوا عظامه في ملحفة، ثم قبروها .


توقيع : هيام1
قطرة الماء تثقب الحجر ، لا بالعنف ولكن بدوام التنقيط.


زهرة الشرق

هيام1 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-11-14, 09:44 AM   #2
 
الصورة الرمزية هيام1

هيام1
مشرفة أقسام المرأة

رقم العضوية : 7290
تاريخ التسجيل : Apr 2007
عدد المشاركات : 15,155
عدد النقاط : 197

أوسمة العضو
لاتوجد أوسمة لـ هيام1
رد: ،، شاعرين في العصر الجاهلي سميا بالمرقشين ،،


إن الخليط أجدَّ البين فانْفَرقا * وعُلِّق القلب من أسماء ما علقا
وفارقتك بِرَهْنٍ لا فكاك له * يومَ الوداع فأمسى الرَّهْنُ قد غَلِقا
وأخلفتك ابنة البكري ما وعدتْ * فأصبح الحبلُ منها، واهناً خلقا


توقيع : هيام1
قطرة الماء تثقب الحجر ، لا بالعنف ولكن بدوام التنقيط.


زهرة الشرق

هيام1 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-11-14, 10:00 AM   #3
 
الصورة الرمزية هيام1

هيام1
مشرفة أقسام المرأة

رقم العضوية : 7290
تاريخ التسجيل : Apr 2007
عدد المشاركات : 15,155
عدد النقاط : 197

أوسمة العضو
لاتوجد أوسمة لـ هيام1
رد: ،، شاعرين في العصر الجاهلي سميا بالمرقشين ،،


[quote=هيام1;526226]وتمضي القصة بأسلوب درامي إلى أن المرقش حين علم أدمن زيارة القبر والبكاء عليه، والنوم عنده حتى سمع يوماً صبيةً يلعبون فاختصموا في كعب فذكر

صاحبه أنه حازه من الكبش الذي ذبح لإيهام المرقش، فعرف المرقش التفاصيل من الغلام، وشد رحاله، ومعه خادمته وخادمه إلى ديار أسماء، فنزلوا كهفاً

بأسفل نجران، وهي أرض مراد، وكان المرقش لشدة معاناته قد مرض مرضاً شديداً، فكان الخادم والخادمة تحملانه . ويلتقي المرقش راعي أسماء ويطلب

منه أن يضع خاتمه في اللبن الذي يُحمل لها كل مساء، فتعرف أسماء أن حبيبها في كهف خبّان، أو كهف جبار، فتطلب من زوجها أن يذهبا إليه، فلقياه واحتملاه

إلى أهلهما، فمات عند أسماء، ودفن في أرض مراد، وكان آخر ما قاله قصيدته :

سرى ليلاً خيالٌ من سليمى * فأرقني وأصحابي هجودُ
ومما تذكره القصة أن الغفليّ، وكانت معه وليدة المرقش قد تآمر على حياته بعد أن ملّ منه، فسمعه يقول للوليدة : اتركيه فقد هلك سقماً، وهلكنا معه ضرّاً وجوعاً، وكان المرقش يكتب، فكتب على مؤخرة الرحل :

يا راكباً إما عرضتَ فبلّغنْ * أنس بن عمروٍ حيث كان وحرملا
لله درّكما ودرُّ أبيكما * إن أفلتَ الغُفليُّ حتى يُقْتلا
من مبلغُ الفتيان أنَّ مرقشاً * أضحى على الأصحاب عبئاً مثقّلا
ذهب السباع بأنفه فتركنه * يَنْهَسْنَ منه في القفار مجدَّلا
وكأنما ترِدُ السباع بشلوه * إذ غاب جمع بني ضبيعة مَنْهلا

وتضيف القصة أن الخادم العسيف قد رجع إلى أهله، فأخبرهم بموته فقرؤوا الأبيات فأخذوه وضربوه، فأقرَّ بمكانه، فذهبوا إليه، وقد أكلت السباع أنفه.
وواضح التلفيق القصصي في القصة، وعنصر التشويق الخرافي الغريب، كما يلاحظ أنها تلتقي مع قصة المهلهل وعبديه، وكانت الأبيات الشعرية تماثل ما قيل في تلك القصة مما يجعلها واضحة التلفيق والوضع، وقد يكون مرقش قد أحب أسماء وهام فيها غير أن الأعراف الجاهلية وقفت في وجه زواجهما لانكشاف حبهما، فجاء الرواة وجعلوا منها قصة خرافية .
. إنَّ عمراً هو اسم الأكبر، … وبما أن اسميهما (عمرو) فغدا المجال الوحيد للتمييز بينهما هو العمر، فأطلقوا على العم (المرقش الأكبر) وعلى ابن الأخ (المرقش الأصغر).

2. أما حرملة : فأرى أنه من الأصوب أن يكون اسم والده لا اسمه… ولكون المرقش قد استغاث به في إحدى قصائده، وبأخيه الثاني أنس .

3. وإن تكرار وروده في تركيب اسم المرقش الأصغر، وعدّه حيناً اسمه، وحيناً اسم والده يؤكدّ كونه نسيجاً في اسمه قريباً جداً منه، وليس هناك أقرب من أن يكون اسم والده .

وهكذا نرى بأن اسمه هو عمرو بن حرملة بن سعد بن مالك على أرجح تقدير والله أعلم "

ومما يلاحظ أن الباحثة قد استندت فيما استندت إليه إلى قصة خرافية لا تصدقها الوقائع الطبيعية، وهي استغاثته بعمر وأنس بعد إحساسه بمؤامرة الغُفلي.

حياته :

لم تروِ بطون الكتب إلاّ القليل عن حياة المرقش الأصغر، واكتفت بأن وصفته شاعراً فارساً من سادة قومه، وممن شاركوا في حرب البسوس، ولم يصلنا من شعره في هذه الحرب شيء يذكر على الرغم من امتدادها وتشعب أحداثها، وكثرة وقائعها، واكتواء بكر بنارها .

ووصفت الروايات التاريخية المرقش الأصغر بأنه شاب جميل، ومن أحسن الناس وجهاً، أزرق العينين، وتلك الأوصاف صفات عمه المرقش الأكبر في جماله ولون عينيه، وأيضاً يماثله في الصفات المعنوية، كالشجاعة والذكاء وكذلك تماثلاً في قصة حبهما غير الاعتيادية حتى قيل عن الأصغر (أتيم من المرقش) ، وأضافوا إلى الأصغر أنه كان راعي إبل، وأن له صديق عمرٍ لا يفارقه هو ابن عمه جناب بن عوف .

وفي قصة حبه لابنة عجلان خادمة فاطمة بنت المنذر الثالث ملك الحيرة ثم لفاطمة، وما قيل عن مغامراته الجنسية معهما ما تنفر منه النفوس، وترفضه العقول، وتكذبه الحياة، فلقد جنح الخيال المريض بالرواة، وأخذ بهم أيّما مأخذ فانفلتوا من أي عقال، وتحرروا من كل قيد، فقالوا ما لا يُصدق ولا يقبل .

ويبدو أن هؤلاء الرواة كانوا بشكل غير منظم، ولا مقصود أيام العصر الجاهلي ممن يتبرعون لسبك القصص الغريبة الخارقة للعادة طمعاً في قضاء سمرٍ مشوّقٍ لا يُملّ . ثم جاء رواة العربية فأخذوا منهم ما أشاعوه في المجتمع الجاهلي من قبل، وما تناقلته الألسن، وسارت به الركبان حتى غدا مادة لأشعارهم، ومعيناً غير نقيٍّ لثقافتهم .

ومن هذه ما رووه عن قصة حب المرقش لهند بنت عجلان، وهي خادمة فاطمة بنت المنذر أن صديقه وابن عمه جناب بن عوف قد أخبره أن ابنة عجلان تأخذ في كل ليلة رجلاً من الذين يستقون الماء لينام عندها، فأقام المرقش عند الماء، فلما رأته بنت عجلان أُخذت بجماله وشغفت بحسنه فأخذته فبات عندها، ثم تستمر القصة لتروي ما لا يستطيع اللسان أن يلفظه وما ينبو عن كتابته القلم ؛ وملخصه أن فاطمة بنت المنذر أعجبت بليلة المرقش عند ابنة عجلان، وطلبت مقدمه، فقدم عليها تحمله ابنة عجلان على ظهرها لأن حرس القصر ينثرون التراب حول قبة فاطمة، ويجرون عليها ثوباً ويحرسونها فلا يدخل عليها إلا خادمتها، وفي الصباح يرسل الملك برجال يقتفون الأثر وهم الذين يعرفون بالقافة فينظرون أثر من دخل إليها ويعودون فيقولون : لم نر إلاّ أثر بنت عجلان .

فلما كانت تلك الليلة التي حملت فيه ابنة عجلان المرقش على ظهرها وحزمته إلى بطنها بثوب، وأدخلته إليها فبات معها، فلما أصبح بعث الملك بالقافة، فنظروا، وعادوا إليه فقالوا : نظرنا أثر بنت عجلان، وهي مثقلة .

ولبث على هذه الحالة مدة، وكان يراقبه جناب بن عوف، فقال له : ألم تكن عاهدتني عهداً لا تكتمني شيئاً، ولا أكتمك ولا نتكذب ؟!! فما كان من المرقش إلاّ أن أخبره بمغامراته مع فاطمة، فقال له : لا أرضى عنك، ولا أكلمك أبداً، أو تدخلني عليها، وحلف على ذلك .

فانطلق المرقش به إلى المكان الذي يلتقي به ابنة عجلان، فأجلسه فيه وأخبره بما يفعل، وكيف يصنع إذا دخل على فاطمة، وكان متشابهين غير أن جناب بن عوف كان أشعر مما جعل فاطمة تنكره وترتاب به، فدفعته عنها وقالت : قبح الله سراً عند المُعيدي، فرجعت به بنت عجلان، فلما رآه المرقش أدرك أن أمره قد فُضح، فندم ندماً شديداً جعله يعضُّ على إصبعه حتى قطعه، وله في ذلك قصيدة شهيرة منها إشارته إلى قطع إصبعه :

ألم ترَ أنّ المرءَ يجذم كفّه * ويجشم من لوم الصديق المجاشما

وأصبح من حينها مضرب مثل إذ يقال (أتيم من المرقّش).

تلك هي قصة حب المرقش إذلم تستطع سخونة أحداثها وحرارة مفاجآتها أن تذيب برودة الكذب والتلفيق التي غطتها بكل جزئياتها، ففاحت روائح الكذب منها بحيث لم تترك لأيِّ باحث ناقد أن يكلف قلمه في نقدها أو يمنحها شرف الدراسة الهادفة .

غير أن هذه القصة غير المشرفة تجعلنا ننظر إلى زاوية أخرى نراها معتمة وهي حقيقة شخصية المرقش الأصغر ؛ فهي تبدو غير منفصلة عن شخصية المرقش الأكبر إلاّ في هذه القصة، وما قيل بأنه أشعر من عمه، وليس هذا بدقيق إلاّ من ناحية فصل الشعرين، وانتقاء أجود ما فيهما ونسبته إلى الأصغر.

وقد رأينا أنهما تشابها في الاسم، وفي الأوصاف المادية والمعنوية . وفي الأحداث إذ خاضا حرب البسوس، وفي تجربة حب بائسة .

وقد روى الرواة سبباً لتسمية الأكبر بالمرقش . ولم يرووا للأصغر أيَّ سبب لتسميته به. ألا يدعو كل هذا إلى الشك بشخصية الأصغر فضلاً عن أن شعره بألفاظه ومعانيه صورة عن شعر الأكبر، وقد تداخل شعرهما ونسب إلى كل واحد منهما بعضه، كالبيتين اللذين قيل إن المرقش الأكبر كان مع عمه ثعلبة ساعة مقتله، فقد نسبهما المفضل للأصغر .


توقيع : هيام1
قطرة الماء تثقب الحجر ، لا بالعنف ولكن بدوام التنقيط.


زهرة الشرق

هيام1 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-11-14, 10:12 AM   #4
 
الصورة الرمزية هيام1

هيام1
مشرفة أقسام المرأة

رقم العضوية : 7290
تاريخ التسجيل : Apr 2007
عدد المشاركات : 15,155
عدد النقاط : 197

أوسمة العضو
لاتوجد أوسمة لـ هيام1
رد: ،، شاعرين في العصر الجاهلي سميا بالمرقشين ،،


إن الخليط أجدَّ البين فانْفَرقا * وعُلِّق القلب من أسماء ما علقا
وفارقتك بِرَهْنٍ لا فكاك له * يومَ الوداع فأمسى الرَّهْنُ قد غَلِقا
وأخلفتك ابنة البكري ما وعدتْ * فأصبح الحبلُ منها، واهناً خلقا
فما الذي أتى بها في قصيدة قيلت في فاطمة ؟ والمرقش الأكبر أحقُّ بها وهو الذي اكتوى بفراقها، ولِمَ لا يكون المرقش الأكبر قد حدَّث ابن عمه جناب ابن عوف بحبه لأسماء، فأفسد عليه حبَّه، وحال بينه وبين زواجه منها بعدما أصبحا على كل لسان، وكان أقسم له ألاّ يبوح بسرّه فنكث بعهده، ليغمر صاحبه بذاك الحزن الذي عضَّ فيه على إصبع الندم كناية عن أسفه وبوحه بسرّه له، وليس كما تذهب الروايات إلى أنه قطع إصبعه من شدة ندمه وكان البيت الذي يذكر فيه أن جناباً أصبح وكأن تاج آل محرِّق على رأسه وراء تلفيق قصة فاطمة بنت المنذر، بعد أن توافر لهم الاسم، وتاج آل محرق وهو إنما أراد أن يقول بأنه لا يستحيي من فعلته، ولا يطأطئ رأسه خجلاً مما ألحقه به من أذى، بينما كان الحياء والخجل والأسف وراء طأطأة رأس المرقش الذي أصبح يسير بين الناس، ورأسه في التراب، وإذا كان أخطأ في كشف سرّه فلامه الناس على ذلك، فإن الآخر كان أشد خطأ، ولكن لا أحد يلومه .

وثمة أمرٌ آخر وهو أن طرفة بن العبد يشير إلى أن حبَّ أسماء ذهب بعقل المرقش حتى أودى به :

كما أحرزتْ أسماءُ قلب مرقِّشٍ * بحب كلمع البرق لاحت مخايلهْ
وأنكح أسماءَ المراديَّ يبتغي * بذلك، عوف أن تُصَابَ مقاتلهْ
فلما رأى أنْ لا قرارَ يُقِرُّهُ * وأن هوى أسماء لا بدَّ قاتلهْ
ترحل من أرض العراق مرقِّشٌ * على طربٍ، تهوي سراعاً رواحلهْ
إلى السَّرْوِ، أرضٌ ساقه نحوها الهوى * ولو يَدْر أنَّ الموتَ بالسرو غائِلُهْ
فغودر بالفَرْدَيْنِ : أرضٍ نطيةٍ * مسيرةَ شهرٍ دائبٍ لا يواكِلُهْ
فيالك من ذي حاجةٍ حيل دونها * وما كلُّ ما يهوى امرؤٌ هو نائِلُهْ
فوجدي بسلمى مثل وجد مرقِّشٍ * بأسماء إذ لا تستفيقُ عُواذِلُهْ
قضى نحْبَهُ، وجداً عليها مرّقشٌ * وعلّقتُ من سلمى خبالاً أما طِلُهْ
لعمري لموتٌ لا عقوبة، بعدَهُ * لذي البثِّ أشفى من هوىً يزايلُهْ

فطرفة يستلهم قصة مرقش شعراً، وهي تلتقي في كثيرٍ من معانيها مع ما يذكره المرقش في خطابه لفاطمة، و تصميمه على اللحاق بها أينما حلت أو رحلت، ومهما باعدت بينهما المسافات، وإنَّ ما يميز قصيدة المرقش ليس المقدمة الغزلية، وحديثه عن ابنة ا لبكري فحسب، وإنما الشق الثاني منها، وهو رحلة الظعائن في اكتمالها وجماليتها، وهي تذكر برحلة زهير في المعلقة مما يشير إلى إفادته من رحلة المرقش، فقد تناصتا في الأسلوب، والألفاظ والمعاني، في حين لم تكن الرحلة الذاتية في اتباع ابنة البكري مثلها، وكان الشاعر في عجلة من أمره للوصول إلى فاطمة، وإن دلَّ ذلك على شيء إنما يدل على صدق تجربته الشعرية التي صدرت عن معاناة حقيقية للشاعر المفارق وبهذا يكون المرقش من أوائل الذين أسسوا لرحلة الظعائن بالشكل الذي نراه عند الشعراء اللاحقين .

ولنا أن نلاحظ أن المرقش الأصغر لم يذكر ابنة عجلان باسمها هند، ولم يقصَّ علينا أية مغامرة من مغامراته التي تحدث عنها الرواة، وإنما كان حزيناً على فراقها حزن حبيبٍ عفيف النفس يرى في حبيبته أجمل الخلال والأوصاف ويأرق لبعدها، وزيارة خيالها له، وهو ما أشار إليه طرفة في قصيدته "بحبٍ كلمع البرق لاحت مخايله" موافقاً به قول مرقّش : "أرقني الليلَ برق ناصبٌ" كما أشار إلى انتقام والد أسماء من مرقّش بقوله : "وأنكح أسماء المرادي يبتغي… أن تصاب مقاتله" أي أن يصيب مرقشاً في مقتله، كما أشار إلى لائميه وعواذله، مما يجعلنا نفكّر في دلالة ابنة عجلان في أن تكون رمزاً

لعجلة عوف في زواجها، وعجلته في الرحيل عن قومه، فرمز له الشاعر بلقب عجلان وهو ما تؤكده قصيدته في بقايا ديار ابنة عجلان ورحيلهم عنها، ولو كانت ابنة عجلان خادمة لفاطمة لما كان لها بقايا ديار كانت تسكنه، ثم ارتحلت عنها ليقول لها الشاعر :

يا ابنة عجلان ما أصبرني * على خطوبٍ كنحتٍ بالقدومْ

ثم يقول :
وللفتى غائلٌ يغولُهُ * يا ابنة عجلانَ من وقع الحتومْ
فضلاً عن أنها تلتقي مع قصيدته التي خاطب بها فاطمة، وتبعها هائماً على وجهه، وقد ختمت القصيدتان بحكمة تحمل المعاني نفسها، وكانهما تتحدثان عن موضوع واحد، لا يمكن الفصل فيهما بين ثلاثة أسماء، (ابنة عجلان وابنة البكري، وفاطمة ) أسماء لشخصية واحدة قصدها الشاعر، وتحدث عنهن بمعانٍ وألفاظ شبه موحدة ؛ حتى إن القدامى خلطوا بينهم في بعض الأحيان كقول محمد بن دواد الجراح المتوفى سنة 269هـ : "وكانت صاحبة الأول اسماء، وصاحبة الثاني فاطمة بنت عجلان."

ألا يدفعنا كل هذا إلى القول بأن المرقشين هما مرقش واحد ؟


توقيع : هيام1
قطرة الماء تثقب الحجر ، لا بالعنف ولكن بدوام التنقيط.


زهرة الشرق

هيام1 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-11-14, 10:24 AM   #5
 
الصورة الرمزية هيام1

هيام1
مشرفة أقسام المرأة

رقم العضوية : 7290
تاريخ التسجيل : Apr 2007
عدد المشاركات : 15,155
عدد النقاط : 197

أوسمة العضو
لاتوجد أوسمة لـ هيام1
رد: ،، شاعرين في العصر الجاهلي سميا بالمرقشين ،،


انتهى
ولكم كل الحب
،،


توقيع : هيام1
قطرة الماء تثقب الحجر ، لا بالعنف ولكن بدوام التنقيط.


زهرة الشرق

هيام1 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 27-11-14, 07:39 PM   #6
 
الصورة الرمزية حسين الحمداني

حسين الحمداني
هيئة دبلوماسية

رقم العضوية : 11600
تاريخ التسجيل : Sep 2008
عدد المشاركات : 5,745
عدد النقاط : 10

أوسمة العضو
لاتوجد أوسمة لـ حسين الحمداني
مشاركة رد: ،، شاعرين في العصر الجاهلي سميا بالمرقشين ،،


تحيه طيبه موضوع رائع وجميل من صفحات الادب والتاريخ العربي شكرا لما تناقله لنا وللجميع قلمكم المتجدد


توقيع : حسين الحمداني


زهرة الشرق

zahrah.com

حسين الحمداني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
أحكام العشر الآواخر من رمضان عادل الاسد نفحات إيمانية 1 06-09-10 01:58 PM
أعمال العشر الآواخر من رمضان عادل الاسد نفحات إيمانية 0 30-08-10 10:10 AM
إن مع العسر يسرا امل2005 نفحات إيمانية 8 16-11-08 12:16 AM
ماذا تعمل في العشر الاواخر من رمضان عادل الاسد نفحات إيمانية 3 23-09-08 02:53 AM
فضل العشر الأوائل من ذي الحجة المنادي نفحات إيمانية 10 11-02-03 08:46 AM


الساعة الآن 08:17 AM

Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions Inc.

زهرة الشرق   -   الحياة الزوجية   -   صور وغرائب   -   التغذية والصحة   -   ديكورات منزلية   -   العناية بالبشرة   -   أزياء نسائية   -   كمبيوتر   -   أطباق ومأكولات -   ريجيم ورشاقة -   أسرار الحياة الزوجية -   العناية بالبشرة

المواضيع والتعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي منتديات زهرة الشرق ولا نتحمل أي مسؤولية قانونية حيال ذلك

(ويتحمل كاتبها مسؤولية النشر)