المملكة العربية السعودية التي لا تعرفها

اليونسكو سجلتها كتراث إنساني دولي:


«الدرعية».. مهد الوهابية والدولة السعودية تنطلق إلى العالمية



2010/11/13 07:58 م



المملكة العربية السعودية التي لا تعرفها




إبراهيم باشا دمرها تماماً وقضى على الدولة السعودية الأولى كي يحصل على لقب «والي مكة»
مشروع شامل لتطويرها بعد أن ظلت مهملة لنحو قرنين



ترميم المباني الطينية المهددة بالانهيار وحماية وادي حنيفة بيئياً وجمالياً وتطوير المنطقة اقتصادياً أهم الأهداف نشاء خمسة متاحف وتقديم عرض بالصوت والضوء بحي الطريف التاريخي
مؤسسة الشيخ محمد بن عبدالوهاب أبرز مشروعات حي البجيري الذي يعد معقلاً للسلفية



الرياض – حسن عبدالله:

من هنا.. من «الدرعية» التي كانت ومازالت مسرحا لملحمة تاريخية..


تحالفت الوهابية والاسرة السعودية وشكلتا دولة لعبت وماتزال تلعب دورا مهما على مسرح الحياة المحلية والعربية والدولية، فالدرعية التي سجلتها هذا العام منظمة الامم المتحدة للعلوم والتربية والثقافة «اليونسكو» باجماع اعضائها كموقع تراثي انساني عالمي، تعود الى الحياة بقوة كمركز سياسي وثقافي واقتصادي، ضمن مشروع للتطوير يقوده الأمير سلمان بن عبدالعزيز رئيس الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض، ويهدف الى اعمار المدينة التاريخية وتحويلها الى مركز ثقافي سياحي على المستوى الوطني والدولي، وفقا لخصائصها التاريخية والثقافية والعمرانية والبيئية.



وانه لشعور غامر وطاغ بكل المعاني الانسانية ان تجد نفسك هائما بين اطلال واشجار ومبان واحجار..



دارت فيها معارك وحروب واحداث، فتحت الافاق الى دنيا جديدة واسعة غيرت مجرى التاريخ، وادت الى نشوء وحدة بين شعوب وقبائل وممالك لربما كانت من المستحيل عليها ان تتوحد ضمن أي ظروف أو كيان اخر وفي اطار دولة واحدة.



اقف الآن، وضمن قافلة الاعلام الخليجي التاسعة التي قادها الاعلامي النابهة محمد الرشيد وسط مدينة «الدرعية القديمة» التي تقع وسط الجزيرة العربية في الجزء الشمالي من العاصمة السعودية الرياض بمسافة لا تزيد عن 20 كيلومترا من مركز مدينة الرياض، وقد تلاشت المساحة التي كانت تفصلها عن مدينة الرياض، بعد الزحف العمراني، واصبحت الدرعية في القلب من العاصمة السعودية، اعمال الترميم قائمة على قدم وساق،


ويشمل برنامج تطوير الدرعية التاريخية القرى والاحياء الواقعة على الضفة الشرقية من وادي حنيفة، ومنها غصيبة والظهرة والطويهرة والبجيري والمليبيد والواقعة ايضا على الضفة الغربية ومنها حي الطريف الاثري الشهير وما يتصل به من روافد الوادي وشعابه.



حي الطريف الذي تم تسجيله في اليونسكو كموقع تراثي عالمي، ويشكل القلب بالنسبة للدرعية، يقع فوق الجبل الجنوبي العربي من منطقة الدرعية، وهو محاط بالسور الاثري القديم، ويمكنك من خلاله ان تشرف على بقية المدينة، وفيه قصور آل سعود ومازالت اثارها باقية، ويزوره الكثير من الزوار، كما يضم الحي مسجد الامام محمد بن سعود وحي غصيبة، وهو الحي الرئيسي للدرعية القديمة وقاعدة الدرعية حتى قبل أكثر من ثلاثمائة سنة.



وللحي الذي يأخذ شكل مثلث ثلاثة اسوار وجهته الجنوبية هي زاوية التقاء الرافد بالوادي، ويبلغ طول السور الشمالي 211 مترا، وطول السور الغربي المشرف على وادي حنيفة 308 أمتار، فيما يبلغ طول السور الشرقي 308 أمتار ايضا، وحي البجيري ويقع على الضفة الشرقية من وادي حنيفة وبه مسجد امام الوهابية الشيخ محمد بن عبدالوهاب ومدرسته وبيته.



لا يمكن ان تمر مرور الكرام على المكان الذي نشأ فيه داعية الوهابية الأول ومنه انطلق بدعوته السلفية الحنبلية الى ربوع الجزيرة العربية دون ان تستحضر القصة التاريخية «للشيخ والامام والدرعية».




وهي قصة تلاحم اطرافها وتحالفوا على انشاء فكرة ودولة ما زالت قائمة وممتدة هي المملكة العربية السعودية.





فالدرعية اسم لمكان نسب الى اهله، فهي حصن الدروع، وهي قبيلة استوطنت وادي حنيفة، ودعا احد حكامها «ابن درع» ابن عمه مانع المريدي جد آل سعود الى القدوم من عروض نجد في شرق الجزيرة العربية الى مرابع وادي حنيفة، وسكن القادمون من نجد ما بين غصيبة والمليبيد، وبتاريخ قدومهم يؤرخ لتأسيس الدرعية عام (1446 م – 850 هـ) وسرعان ما احتلت الدرعية الصدارة على الطريق التجاري من شرق الجزيرة الى غربها، اضافة الى تحكمها في طريق الحج الى مكة المكرمة، فامتد سلطانها على عدد من قرى وادي حنيفة وبلغ نفوذها الى ضرماء في الجهة الغربية من جبل طويق والى ابي الكباش شمال الدرعية.




وبدا ان الدولة الناشئة تحتاج الى عقيدة قوية تتوافق وتطلعاتها السياسية فكان التحالف الذي وقع بين مؤسس الدولة السعودية الاولى الامام محمد بن سعود (1233-1157 / 1818-1788م) وبين الشيخ محمد بن عبدالوهاب المولود سنة 1115 هـ الموافق 1703م، كان الشيخ قد خرج مطروداً من قريته «العينية» التي ولد فيها، بعد أن طرده امير العينية ابن معمر خشية ما يطرحه من فكر، فاتجه الى الدرعية وهناك تبناه محمد بن سعود وتحالفا على شرطين فيما سمي بميثاق الدرعية:


- الأول: ألا يرجع محمد بن عبدالوهاب عنه ان نصرهم الله ومكنهم.


- والثاني: ألا يمنع الأمير من الخراج الذي فرضه على أهل الدرعية.


وهنا قال محمد بن عبدالوهاب: أما الأول: الدم بالدم، والهدم بالهدم، وأما الثاني: فلعل الله يفتح عليك الفتوحات وتنال من الغنائم ما يغنيك عن الخراج.



بعد ميثاق الدرعية بدأ التوسع السعودي لنشر الدعوة الاصلاحية واخذ البيعة لأمير الدرعية محمد بن سعود، وفتحت صفحة جديدة في تاريخ الدرعية حيث اصبحت اقوى مدينة في بلاد نجد، وخضعت لنفوذ الدرعية التي تناوب على ملكها آل سعود معظم اجزاء الجزيرة العربية.

نهاية الدولة

وادى هذا التوسع السعودي الى تحرك بعض القوى المجاورة، فكانت نهاية الدولة السعودية على يد والي مصر محمد علي باشا وابنه ابراهيم باشا الذي قاد حملة 1818م سماها «السجادة المطوية» أي تدمير القرى واحدة تلو الاخرى، الى وسط الجزيرة العربية استطاعت الوصول الى الدرعية بعد معارك عدة فدمرها تماما.


ورحل الكثير من آل سعود وآل الشيخ (محمد بن عبدالوهاب) الى القاهرة ومنها الى استنابول حيث لقي آخر ائمة الدولة السعودية الاولى عبدالله بن سعود حتفه قتلا، وبعد عام من استسلام الدرعية احرق مقر حكم الدولة في حي الطريف، ودمرت مبانيه على ايدي الغزاة وتركت الدرعية خرابا.


وسقطت بذلك الدولة السعودية الاولى لتتخذ الدولة السعودية الثانية من الرياض عاصمة ولتصبح الدرعية مجرد قرية زراعية متواضعة تحتفظ ببعض الآثار التاريخية مثل بقايا قصور آل سعود، ومنازل ذات غرف صغيرة مبنية من الطوب اللبن والحجارة، وكلها كانت اشد عرضة لقصف ابراهيم باشا، وقد هُجر اغلب الجزء الذي يحتوي على المباني لفترة طويلة عندما لم تتم اعادة بنائها بعد حصار عام 1818هـ، غير ان الدرعية بقيت تستخدم للزراعة المحلية حتى بداية عام 1980، عندما اخلي حي الطريف ووضع تحت ادارة وكالة الآثار والمتاحف على انه موقع ذو اهمية تاريخية وطنية.

برنامج التطوير

ولأن «الدرعية» التي يقدر عدد سكانها الآن بنحو 50 ألف نسمة ويعمل معظمهم في التجارة والزراعة حيث يمتلك سكانها نحو %72 من المزارع في المنطقة، تمثل رمزا وطنيا للمملكة العربية العسودية فقد اطلقت برنامجا طموحا لتطوير الدرعية التاريخية وابراز الدور التاريخي لها وجعلها مركزا ثقافيا وحضاريا.


وتشكل الطبيعة الحساسة لمباني الدرعية التي تتكون من الحجارة في الاساسات والاعمدة، والَّلبن في الجدران والحوائط، وجذوع الاثل واغصانه، وجريد النخيل في الاسقف تحديا قويا امام المسؤولين عن الحفاظ على تراث الدرعية، مما تطلب القيام بجملة من الاجراءات والخطوات لتوثيق وترميم واعادة التأهيل وخاصة للمباني والقصور والمرافق القائمة بحي الطريف الذي طالته يد التدمير بحيث لم يعد مؤهلا لقيام أي نوع من الحياة به.



ويقودنا الآن رئيس مشروع تطوير الدرعية د.علي صالح المغنم في جولة خاصة في الدرعية القديمة ويشير الى ان استراتيجية التطوير تتضمن تطوير الدرعية كنموذج لعمران الواحات من خلال العمل على توازن حجم التطوير مع امكانات البيئة، ودمج المزارع والوادي كمناطق بيئية تحتضن المناطق العمرانية وتشكل معها وظائف متكاملة، كذلك ترميم المباني الطينية المهددة بالانهيار، ومعالجة البنايات الطينية المتردية، ووضع ضوابط للترميم والهدم والبناء، وحماية وادي حنيفة بيئيا وجماليا، وتطوير المنطقة اقتصاديا من خلال التنشيط الزراعي والسياحي والترفيهي.



ويضيف د.علي المغنم ان احد مستويات التطوير على المستوى الدولي هو ابراز الدرعية كعنصر تراثي مثل مرحلة ثقافية من مراحل تطور وسط الجزيرة العربية، من خلال انشاء المتاحف المتخصصة التي تبرز جوانب ثقافية واجتماعية، وصيانة التراث الثقافي للمواقع الاثرية في حي الطريف.



وفيما يتعلق بمشاريع حي الطريف الذي يعد ثاني موقع اثري بعد مدائن صالح يتم تسجيله كتراث انساني عالمي، يقول رئيس مشروع الدرعية د.علي المغنم.
من بين مشاريع تطوير حي الطريف نجد التوثيق البصري والمساحي ويشمل رفعا مساحيا للمباني الاثرية، وازالة الرديم من المباني وتوثيقا اثريا للعناصر المعمارية وما تحتويه المباني من آثار، وكذلك سيكون الترميم الاثري لحي الطريف على اربعة مستويات: الترميم الكامل، والترميم واعادة التأهيل وترميم الاطلال والواجهات، وتأهيل جامع الامام محمد بن سعود الذي يقع بجانب قصر سلوى من الناحية الشمالية على سفح وادي حنيفة، وقد تم ترميم معظم اجزاء المسجد واصبح تحفة معمارية بعناصر بناء تراثية.



ويشمل تطوير حي الطريف ايضا انشاء عدة متاحف مثل متحف الدرعية بقصر سلوى ويهدف الى التعريف بتاريخ الدولة السعودية الاولى، ومتحف للحياة الاجتماعية، والمتحف الحربي ومتحف التجارة والمال، ومتحف الخيل العربية، ومركز التوثيق تاريخ الدرعية، وكذلك عرض بالصوت والضوء يقدم دراما تصويرية تحكي تاريخ الاحداث التي مرت بها الدرعية، وسيتم انشاء 15 بيتا تراثيا يمكن تأجيرها للعامة بعد الانتهاء من الترميم.



ولان حي البجيري يتمتع بأهمية علمية تاريخية خاصة حيث يعد الجامعة الاولى في نجد التي خرجت الاجيال من دعاة الدعوة السلفية، وبه مسجد الشيخ محمد بن عبدالوهاب وهو اهم معلم في الحي، فانه سينفذ به عدد من المشاريع التطويرية ابرزها: مؤسسة الشيخ محمد بن عبدالوهاب والمنطقة المركزية، وترميم مسجد الظويهرة الذي سيتم على النفقة الخاصة للامير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز، ومتنزه الدرعية.



وقبل مغادرة الدرعية التاريخية لابد من التأكيد ان الاقرار العالمي بأهميتها من الناحية التاريخية والعمرانية، ومشاريع التطوير المذهلة، ستجعلها محط انظار عشاق الآثار والاماكن التاريخية، بشرط ان ينشط المسؤولون عن السياحة في التعريف بها داخليا وخارجيا.


ارجو ان تلحق جدة التاريخية التي تم تقديم ملف ترشيحها الى اليونسكو، بمدائن صالح والدرعية في الحصول على الاعتراف بها كتراث انساني عالمي يستحق الاحترام والمحافظة عليه وتوثيقه.

عن الوطن الكويتية

.




برغم ناطحات السحاب التي بدأت تغزو سماء الرياض إلا أن الدرعية القديمة لا تزال شامخة ببيوتها الطينية وأزقتها الضيقة
شعور جميل حينما تزور الدرعية لتقف على عتبات التاريخ القديم وملاحم البطولات
عرفت الكثير عن الدرعية وأنت بموضوعك اضفت لي الكثير
كل الشكر والتقدير لك أخي حبي الزهرة

مع محبتيlonely

راائعة مملكتنا بكل مافيها

اتقدم اليك اخي حبي الزهرة بالشكر والتقدير ع المعلومات عنها

يعطيك العافيه ولا يحرمنا منك

من الجميل والرائع ان تعتز كل دولة بتاريخها

يتغير العالم ويبقى التاريخ نبراس للاجيال

استادنا كم اسعدني اطلاعك وتزودك بالمزيد

تحيتي لشخصك

اهلا بك الغائبة الحاضرة اختنا بالله أم متعـMـب

كم شرفني واسعدني حضورك وأطلاعك وحقيقة

ما قدم هو قليل ومهما قدمنا لا نوفيها حقها حفظها الله

تحيتي وتقديري لشخصك

المملكة العربية السعودية التي لا تعرفها

--------------------------------------------------------------------------------








اليونسكو سجلتها كتراث إنساني دولي:


«الدرعية».. مهد الوهابية والدولة السعودية تنطلق إلى العالمية



2010/11/13 07:58 م



المملكة العربية السعودية التي لا تعرفها




إبراهيم باشا دمرها تماماً وقضى على الدولة السعودية الأولى كي يحصل على لقب «والي مكة»
مشروع شامل لتطويرها بعد أن ظلت مهملة لنحو قرنين



ترميم المباني الطينية المهددة بالانهيار وحماية وادي حنيفة بيئياً وجمالياً وتطوير المنطقة اقتصادياً أهم الأهداف نشاء خمسة متاحف وتقديم عرض بالصوت والضوء بحي الطريف التاريخي
مؤسسة الشيخ محمد بن عبدالوهاب أبرز مشروعات حي البجيري الذي يعد معقلاً للسلفية



الرياض – حسن عبدالله:

من هنا.. من «الدرعية» التي كانت ومازالت مسرحا لملحمة تاريخية..


تحالفت الوهابية والاسرة السعودية وشكلتا دولة لعبت وماتزال تلعب دورا مهما على مسرح الحياة المحلية والعربية والدولية، فالدرعية التي سجلتها هذا العام منظمة الامم المتحدة للعلوم والتربية والثقافة «اليونسكو» باجماع اعضائها كموقع تراثي انساني عالمي، تعود الى الحياة بقوة كمركز سياسي وثقافي واقتصادي، ضمن مشروع للتطوير يقوده الأمير سلمان بن عبدالعزيز رئيس الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض، ويهدف الى اعمار المدينة التاريخية وتحويلها الى مركز ثقافي سياحي على المستوى الوطني والدولي، وفقا لخصائصها التاريخية والثقافية والعمرانية والبيئية.



وانه لشعور غامر وطاغ بكل المعاني الانسانية ان تجد نفسك هائما بين اطلال واشجار ومبان واحجار..



دارت فيها معارك وحروب واحداث، فتحت الافاق الى دنيا جديدة واسعة غيرت مجرى التاريخ، وادت الى نشوء وحدة بين شعوب وقبائل وممالك لربما كانت من المستحيل عليها ان تتوحد ضمن أي ظروف أو كيان اخر وفي اطار دولة واحدة.



اقف الآن، وضمن قافلة الاعلام الخليجي التاسعة التي قادها الاعلامي النابهة محمد الرشيد وسط مدينة «الدرعية القديمة» التي تقع وسط الجزيرة العربية في الجزء الشمالي من العاصمة السعودية الرياض بمسافة لا تزيد عن 20 كيلومترا من مركز مدينة الرياض، وقد تلاشت المساحة التي كانت تفصلها عن مدينة الرياض، بعد الزحف العمراني، واصبحت الدرعية في القلب من العاصمة السعودية، اعمال الترميم قائمة على قدم وساق،


ويشمل برنامج تطوير الدرعية التاريخية القرى والاحياء الواقعة على الضفة الشرقية من وادي حنيفة، ومنها غصيبة والظهرة والطويهرة والبجيري والمليبيد والواقعة ايضا على الضفة الغربية ومنها حي الطريف الاثري الشهير وما يتصل به من روافد الوادي وشعابه.



حي الطريف الذي تم تسجيله في اليونسكو كموقع تراثي عالمي، ويشكل القلب بالنسبة للدرعية، يقع فوق الجبل الجنوبي العربي من منطقة الدرعية، وهو محاط بالسور الاثري القديم، ويمكنك من خلاله ان تشرف على بقية المدينة، وفيه قصور آل سعود ومازالت اثارها باقية، ويزوره الكثير من الزوار، كما يضم الحي مسجد الامام محمد بن سعود وحي غصيبة، وهو الحي الرئيسي للدرعية القديمة وقاعدة الدرعية حتى قبل أكثر من ثلاثمائة سنة.



وللحي الذي يأخذ شكل مثلث ثلاثة اسوار وجهته الجنوبية هي زاوية التقاء الرافد بالوادي، ويبلغ طول السور الشمالي 211 مترا، وطول السور الغربي المشرف على وادي حنيفة 308 أمتار، فيما يبلغ طول السور الشرقي 308 أمتار ايضا، وحي البجيري ويقع على الضفة الشرقية من وادي حنيفة وبه مسجد امام الوهابية الشيخ محمد بن عبدالوهاب ومدرسته وبيته.



لا يمكن ان تمر مرور الكرام على المكان الذي نشأ فيه داعية الوهابية الأول ومنه انطلق بدعوته السلفية الحنبلية الى ربوع الجزيرة العربية دون ان تستحضر القصة التاريخية «للشيخ والامام والدرعية».




وهي قصة تلاحم اطرافها وتحالفوا على انشاء فكرة ودولة ما زالت قائمة وممتدة هي المملكة العربية السعودية.





فالدرعية اسم لمكان نسب الى اهله، فهي حصن الدروع، وهي قبيلة استوطنت وادي حنيفة، ودعا احد حكامها «ابن درع» ابن عمه مانع المريدي جد آل سعود الى القدوم من عروض نجد في شرق الجزيرة العربية الى مرابع وادي حنيفة، وسكن القادمون من نجد ما بين غصيبة والمليبيد، وبتاريخ قدومهم يؤرخ لتأسيس الدرعية عام (1446 م – 850 هـ) وسرعان ما احتلت الدرعية الصدارة على الطريق التجاري من شرق الجزيرة الى غربها، اضافة الى تحكمها في طريق الحج الى مكة المكرمة، فامتد سلطانها على عدد من قرى وادي حنيفة وبلغ نفوذها الى ضرماء في الجهة الغربية من جبل طويق والى ابي الكباش شمال الدرعية.




وبدا ان الدولة الناشئة تحتاج الى عقيدة قوية تتوافق وتطلعاتها السياسية فكان التحالف الذي وقع بين مؤسس الدولة السعودية الاولى الامام محمد بن سعود (1233-1157 / 1818-1788م) وبين الشيخ محمد بن عبدالوهاب المولود سنة 1115 هـ الموافق 1703م، كان الشيخ قد خرج مطروداً من قريته «العينية» التي ولد فيها، بعد أن طرده امير العينية ابن معمر خشية ما يطرحه من فكر، فاتجه الى الدرعية وهناك تبناه محمد بن سعود وتحالفا على شرطين فيما سمي بميثاق الدرعية:


- الأول: ألا يرجع محمد بن عبدالوهاب عنه ان نصرهم الله ومكنهم.


- والثاني: ألا يمنع الأمير من الخراج الذي فرضه على أهل الدرعية.


وهنا قال محمد بن عبدالوهاب: أما الأول: الدم بالدم، والهدم بالهدم، وأما الثاني: فلعل الله يفتح عليك الفتوحات وتنال من الغنائم ما يغنيك عن الخراج.



بعد ميثاق الدرعية بدأ التوسع السعودي لنشر الدعوة الاصلاحية واخذ البيعة لأمير الدرعية محمد بن سعود، وفتحت صفحة جديدة في تاريخ الدرعية حيث اصبحت اقوى مدينة في بلاد نجد، وخضعت لنفوذ الدرعية التي تناوب على ملكها آل سعود معظم اجزاء الجزيرة العربية.

نهاية الدولة

وادى هذا التوسع السعودي الى تحرك بعض القوى المجاورة، فكانت نهاية الدولة السعودية على يد والي مصر محمد علي باشا وابنه ابراهيم باشا الذي قاد حملة 1818م سماها «السجادة المطوية» أي تدمير القرى واحدة تلو الاخرى، الى وسط الجزيرة العربية استطاعت الوصول الى الدرعية بعد معارك عدة فدمرها تماما.


ورحل الكثير من آل سعود وآل الشيخ (محمد بن عبدالوهاب) الى القاهرة ومنها الى استنابول حيث لقي آخر ائمة الدولة السعودية الاولى عبدالله بن سعود حتفه قتلا، وبعد عام من استسلام الدرعية احرق مقر حكم الدولة في حي الطريف، ودمرت مبانيه على ايدي الغزاة وتركت الدرعية خرابا.


وسقطت بذلك الدولة السعودية الاولى لتتخذ الدولة السعودية الثانية من الرياض عاصمة ولتصبح الدرعية مجرد قرية زراعية متواضعة تحتفظ ببعض الآثار التاريخية مثل بقايا قصور آل سعود، ومنازل ذات غرف صغيرة مبنية من الطوب اللبن والحجارة، وكلها كانت اشد عرضة لقصف ابراهيم باشا، وقد هُجر اغلب الجزء الذي يحتوي على المباني لفترة طويلة عندما لم تتم اعادة بنائها بعد حصار عام 1818هـ، غير ان الدرعية بقيت تستخدم للزراعة المحلية حتى بداية عام 1980، عندما اخلي حي الطريف ووضع تحت ادارة وكالة الآثار والمتاحف على انه موقع ذو اهمية تاريخية وطنية.

برنامج التطوير

ولأن «الدرعية» التي يقدر عدد سكانها الآن بنحو 50 ألف نسمة ويعمل معظمهم في التجارة والزراعة حيث يمتلك سكانها نحو %72 من المزارع في المنطقة، تمثل رمزا وطنيا للمملكة العربية العسودية فقد اطلقت برنامجا طموحا لتطوير الدرعية التاريخية وابراز الدور التاريخي لها وجعلها مركزا ثقافيا وحضاريا.


وتشكل الطبيعة الحساسة لمباني الدرعية التي تتكون من الحجارة في الاساسات والاعمدة، والَّلبن في الجدران والحوائط، وجذوع الاثل واغصانه، وجريد النخيل في الاسقف تحديا قويا امام المسؤولين عن الحفاظ على تراث الدرعية، مما تطلب القيام بجملة من الاجراءات والخطوات لتوثيق وترميم واعادة التأهيل وخاصة للمباني والقصور والمرافق القائمة بحي الطريف الذي طالته يد التدمير بحيث لم يعد مؤهلا لقيام أي نوع من الحياة به.



ويقودنا الآن رئيس مشروع تطوير الدرعية د.علي صالح المغنم في جولة خاصة في الدرعية القديمة ويشير الى ان استراتيجية التطوير تتضمن تطوير الدرعية كنموذج لعمران الواحات من خلال العمل على توازن حجم التطوير مع امكانات البيئة، ودمج المزارع والوادي كمناطق بيئية تحتضن المناطق العمرانية وتشكل معها وظائف متكاملة، كذلك ترميم المباني الطينية المهددة بالانهيار، ومعالجة البنايات الطينية المتردية، ووضع ضوابط للترميم والهدم والبناء، وحماية وادي حنيفة بيئيا وجماليا، وتطوير المنطقة اقتصاديا من خلال التنشيط الزراعي والسياحي والترفيهي.



ويضيف د.علي المغنم ان احد مستويات التطوير على المستوى الدولي هو ابراز الدرعية كعنصر تراثي مثل مرحلة ثقافية من مراحل تطور وسط الجزيرة العربية، من خلال انشاء المتاحف المتخصصة التي تبرز جوانب ثقافية واجتماعية، وصيانة التراث الثقافي للمواقع الاثرية في حي الطريف.



وفيما يتعلق بمشاريع حي الطريف الذي يعد ثاني موقع اثري بعد مدائن صالح يتم تسجيله كتراث انساني عالمي، يقول رئيس مشروع الدرعية د.علي المغنم.
من بين مشاريع تطوير حي الطريف نجد التوثيق البصري والمساحي ويشمل رفعا مساحيا للمباني الاثرية، وازالة الرديم من المباني وتوثيقا اثريا للعناصر المعمارية وما تحتويه المباني من آثار، وكذلك سيكون الترميم الاثري لحي الطريف على اربعة مستويات: الترميم الكامل، والترميم واعادة التأهيل وترميم الاطلال والواجهات، وتأهيل جامع الامام محمد بن سعود الذي يقع بجانب قصر سلوى من الناحية الشمالية على سفح وادي حنيفة، وقد تم ترميم معظم اجزاء المسجد واصبح تحفة معمارية بعناصر بناء تراثية.



ويشمل تطوير حي الطريف ايضا انشاء عدة متاحف مثل متحف الدرعية بقصر سلوى ويهدف الى التعريف بتاريخ الدولة السعودية الاولى، ومتحف للحياة الاجتماعية، والمتحف الحربي ومتحف التجارة والمال، ومتحف الخيل العربية، ومركز التوثيق تاريخ الدرعية، وكذلك عرض بالصوت والضوء يقدم دراما تصويرية تحكي تاريخ الاحداث التي مرت بها الدرعية، وسيتم انشاء 15 بيتا تراثيا يمكن تأجيرها للعامة بعد الانتهاء من الترميم.



ولان حي البجيري يتمتع بأهمية علمية تاريخية خاصة حيث يعد الجامعة الاولى في نجد التي خرجت الاجيال من دعاة الدعوة السلفية، وبه مسجد الشيخ محمد بن عبدالوهاب وهو اهم معلم في الحي، فانه سينفذ به عدد من المشاريع التطويرية ابرزها: مؤسسة الشيخ محمد بن عبدالوهاب والمنطقة المركزية، وترميم مسجد الظويهرة الذي سيتم على النفقة الخاصة للامير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز، ومتنزه الدرعية.



وقبل مغادرة الدرعية التاريخية لابد من التأكيد ان الاقرار العالمي بأهميتها من الناحية التاريخية والعمرانية، ومشاريع التطوير المذهلة، ستجعلها محط انظار عشاق الآثار والاماكن التاريخية، بشرط ان ينشط المسؤولون عن السياحة في التعريف بها داخليا وخارجيا.


ارجو ان تلحق جدة التاريخية التي تم تقديم ملف ترشيحها الى اليونسكو، بمدائن صالح والدرعية في الحصول على الاعتراف بها كتراث انساني عالمي يستحق الاحترام والمحافظة عليه وتوثيقه.

عن الوطن الكويتية

يعطيك العافيه

سعدت بحضورك واطلاعك

رماح تحيتي وتقديري لشخصك