خلفاء الخوميني يهددون الخليج بالإبادة

قد لا يكون الرئيس العراقي الراحل صدام حسين محقا في كثير من أقواله وأفعاله‏,‏ ولكن ربما كان مصيبا في صراعه الشديد مع إيران وتحذيره وهو أمام حبل المشنقة من الفرس والمجوس في إشارة لإيران‏,‏ فطهران اليوم تسعي وبشكل حثيث من أجل تغيير وجه العرب ففي حين فشل الخوميني في مبدأ تصدير الثورة علي النموذج الإيراني للدول العربية‏,‏ أظهر خلفاؤه أنهم أكثر حظا منه‏,‏ ونجحوا في اتباع أساليب جديدة مكنتهم من كسر أبواب العرب لتتمكن الدولة الإيرانية الآن من امتلاك الكثير من أوراق اللعبة العربية‏,‏ وباتت تشكل رقما صعبا يصعب تخطيه بالمنطقة‏,‏ وبينما هدأت المواجهة العربية مع إسرائيل تلوح بالأفق مخاطر مواجهه عربية محتملة مع إيران في الخليج فبعد الحرب الباردة في العلاقات بين الجانبين العربي والإيراني تعيش المنطقة أجواء حرب مع نظام الملالي‏.‏
وإذا كان الفرس قد عبدوا النار قديما فإن أحفادهم يمجدون القدرات النووية ويسعون بكل ما لديهم من قوة للانضمام لنادي دول السلاح النووي‏,‏ وكان علي خامنئي المرشد الأعلي للثورة الإيرانية قد هدد الدول العربية بالكامل إذا نشبت الحرب بين إيران وأمريكا‏,‏ وهو تهديد غير مسبوق من أعلي سلطة دينية في طهران‏,‏ ليطلق بذلك شرارة الحرب المحتملة‏.‏

الأهرام العربيتقرير‏-‏ هاني بدر الدين

في شهر ديسمبر الماضي عقد المركز الدولي للدراسات المستقبلية والإستراتيجية ندوة حول المشروع النووي الإيراني‏..‏ الأبعاد الإستراتيجية والانعكاسات الإقليمية‏,‏ الندوة كانت أبرز تعبير عن المخاوف المصرية والعربية ليس فقط من البرنامج النووي الإيراني واحتمالات انضمام إيران لنادي دول السلاح النووي‏,‏ وإنما أيضا حفلت بالعديد من المخاوف والقلق العربي من السياسات العدائية الإيرانية تجاه المنطقة العربية ومساعي إيران الحثيثة للتدخل بالشئون العربية وفرض الإرادة الإيرانية علي حركة الأحداث بالمنطقة في شكل بات أقرب لما يمكن تسميته بحرب باردة إيرانية‏-‏ عربية‏.‏

أحد المتحدثين بالندوة نقل عن مسئول قطري تحذيرا شديدا تلقاه من نظيره الإيراني خلال لقاء مشترك بينهما في طهران من أن الدولة الإيرانية في حالة تعرضها لأي هجوم يستهدف منشآتها النووية‏,‏ فإن أول رد من جانبها سيكون باتجاه دول الخليج وتحديدا قطر والتي تستضيف مقر القيادة المركزية الأمريكية‏,‏ وقال المسئول الإيراني‏'‏ دولتكم لن تظل قائمة‏'.‏

التحذير الإيراني الواضح لقطر ربما كانت هناك تحذيرات مماثلة له ضد دول خليجية أخري‏,‏ ولكن المشكلة ليست فقط في رد فعل إيران علي أي احتمالات لاستهدافها‏,‏ ولكن تتضمن أيضا المشاكل المتوقعة نتيجة أي هجوم علي إيران‏,‏ فمثل ذلك الهجوم قد تنتج عنه تأثيرات بيئية شديدة السلبية علي دول الخليج تتمثل في الانبعاثات النووية‏,‏ والتي قد تحملها الرياح لتكون خطرا كبيرا علي دول الخليج المجاورة لإيران‏.‏

البرنامج النووي الإيراني كان الدافع وراء إطلاق سباق نحو البرامج النووية في منطقة الشرق الأوسط‏,‏ وتصريحات الرئيس مبارك الأخيرة خير دليل علي ذلك‏,‏ فالعرب لا يضمنون ألا تلجأ إيران إلي الخيار النووي في حالة أي نزاع مع العرب‏,‏ كما أن العرب وخصوصا دول الجزيرة العربية في حالة امتلاك إيران للسلاح النووي سيكونون بين شقي الرحي‏:‏ مخالب إيران في الشرق وأنياب إسرائيل في الغرب وهو خطر لا يمكن لأية دولة عربية التعايش معه‏,‏ لذا طالب د‏.‏ عبد الوهاب القصاب بمركز الدراسات الإستراتيجية القطري بتبني دول الخليج لبرنامج نووي سواء بشكل جماعي أم فردي لأغراض سلمية تحت مظلة تحلية مياه البحر وتوليد الطاقة‏,‏ والاستفادة من علاقات الخليج الجيدة مع الولايات المتحدة والناتو في استفادة دول الخليج من مظلة أمريكا والناتو النووية لردع إيران‏,‏ بالإضافة إلي تفعيل اتفاقية الدفاع العربي المشترك وعلي الأقل في إطار دول الخليج باعتبارها الأكثر قربا جغرافيا من إيران وأكثر تعرضا لمخاطرها‏.‏

الخطر الإيراني ومساعيها لبناء ترسانة قوية من الأسلحة سواء التقليدية أم فوق التقليدية وخصوصا الصواريخ بعيدة المدي والتي يمكن استخدامها كطرق لتوصيل السلاح النووي لم يبدأ اليوم أو أمس‏,‏ كما أنه لا يرتبط بمسئول معين في نظام الملالي‏,‏ وإنما من الواضح أنه من الثوابت الأساسية في السياسة الإيرانية بغض النظر عن الموجود في السلطة سواء الروحية‏(‏ المرشد الأعلي للثورة‏)‏ أم التنفيذية وهي رئاسة الجمهورية‏,‏ كما أنه من الواضح وجود خلافات داخل دوائر صناعة القرار في طهران وهو ما أكده أحمد ماهر وزير الخارجية المصري السابق ردا علي سؤال للأهرام العربي حول من يملك صناعة القرار في طهران‏,‏ قائلا‏:'‏ للأسف هناك خلافات داخل دوائر صنع القرار وعندما كنت وزيرا للخارجية كانت هناك جهود إيرانية لإعادة العلاقات مع مصر‏,‏ ولكن كانت هناك أيضا عراقيل إيرانية فقلت إن مشكلة عودة العلاقات ليست بين مصر وإيران ولكنها مشكلة إيرانية داخلية‏,‏ الأمر الذي يؤكد أن من يمسك بدفة الأمور في إيران ليس جهة واحدة وخير دليل علي ذلك أن برنامج إيران النووي وسعيها لتطوير الصواريخ استمر خلال ولاية الرئيس الأسبق محمد خاتمي‏,‏ ومن ثم فإن نجاد ليس هو الذي يقود التشدد بإيران‏.‏

مبدأ تصدير الثورة الإيرانية الذي بدأه قائدها الأبرز الخوميني لم تنكره أية دائرة إيرانية‏,‏ كما يؤكد د‏.‏ محمد السعيد عبد المهيمن أستاذ الدراسات الإيرانية بجامعة عين شمس موضحا أن هدف نظام الملالي كان ولايزال هو تصدير الفكر الإيراني للدول المجاورة وبخاصة دول الخليج وربما ارتفاع نسبة الشيعة في البحرين والإمارات والمنطقة الشرقية من السعودية هو خير دليل علي ذلك‏,‏ فطهران تسعي وبشكل دؤوب نحو إقامة الحكومة الإسلامية العالمية وفق نظرة الشيعة الإيرانيين في تطلعهم لعودة الإمام المهدي المنتظر‏,‏ وهو ما ترجمته إيران في إنشاء مجمع آل البيت وهي المنظمة التي باتت تضم‏65‏ دولة ومنظمة وتعتبر مركزا لنشر الفكر الشيعي الإيراني‏.‏

الغريب أن نجاح إيران في اختراق العرب قوبل بصمت عربي غريب‏,‏ فتزايد الشيعة في الخليج أمر أصبح الآن مصدر قلق كبير لهذه الدول السنية بطبيعتها‏,‏ لدرجة أن إحداها باتت تلجأ لإغراء السنة بالقدوم إليها للحصول علي جنسيتها لموازنة المد الشيعي الإيراني‏,‏ وذلك في الوقت الذي تلعب فيه أيادي طهران بالعراق بكل حرية بعد سيطرة أتباعها علي الأوضاع هناك لتحقق إيران أحد أهم أهدافها بإغراق الولايات المتحدة في مستنقع العراق وتنشغل به حتي تستطيع إيران الوصول للسلاح النووي‏.‏

إيران لم تنجح فقط في خلق مستنقع عراقي تتيه فيه الولايات المتحدة والعرب بحثا عن مخرج‏,‏ ولكن لجأت أيضا للسيطرة علي دول عربية بأكملها فظهرت وتزايدت العمائم السوداء والشادور في الشارع العربي كدليل علي هذه السيطرة‏,‏ وهو الحال الذي بدا واضحا في الحالة اللبنانية من خلال حزب الله الذي بات دولة واقعية داخل الدولة اللبنانية‏,‏ ليس هذا فحسب بل إن تنامي العلاقات الإيرانية‏-‏ السورية وصل لمرحلة جعلت البعض يقول إن العلاقة خرجت من إطار التحالف إلي علاقة تبعية دمشق لطهران‏,‏ ليس هذا فحسب بل إن تزايد قوة علاقات حركة حماس الفلسطينية الحاكمة مع طهران بات علامة استفهام كبيرة في ظل اختلاف المذاهب بين حماس السنية الإخوانية وبين طهران الشيعية‏,‏ والغريب أن حماس والتنظيم الدولي للإخوان تحالفا مع إيران التي تقتل السنة بالعراق من أجل ضمان تقديم الدعم لحماس والتي باتت في موقف محرج مع تزايد مقتل الفلسطينيين بالعراق علي أيدي فرق الموت الشيعية‏.‏

وعلي الناحية الأخري لا نجد من الدول العربية تجاه المساعي الإيرانية لغزو العرب إلا موقفين مناهضين هما الموقف المصري والموقف السعودي‏,‏ فمصر رفضت مرارا وتكرارا السماح لشيعة إيران بالتوجه لمصر تحت مظلة السياحة الدينية وهو ما أغلق الباب أمام مساعي التغلغل الإيراني عبر مظلة المذهب الشيعي‏,‏ كما أن مصر لم تعد علاقاتها حتي الآن مع طهران واتخذت موقفا متشددا للغاية من البرنامج النووي الإيراني والذي قد يري البعض بالقاهرة أنه خطر كبير علي الأمن القومي المصري في ظل امتلاك إيران لأنظمة توصيل تجعل مصر تحت تهديد إيران‏,‏ أما السعودية فهي الأخري بدأت تعبر صراحة عن قلقها من إيران بعد فترة من الغزل المتبادل إبان ولاية خاتمي‏,‏ وتتزايد الإشارات السعودية يوما بعد آخر باتجاه الوقوف ضد أتباع إيران في العراق حتي وإن أدي ذلك لخلاف بين الرياض وواشنطن وهو خلاف يمكن للعائلة المالكة السعودية احتواؤه والتعامل معه‏,‏ خاصة وأن السعودية تعتبر أقرب للخطر الإيراني من مصر بالإضافة إلي وجود طائفة شيعية في المنطقة الشرقية السعودية الغنية بالنفط وهي مشكلة تسعي الرياض لحلها‏*‏

بواسطتي

مكرر