حكاية العابد والمجنون

في البداية احمد الله على ثنائه وبحمده مسبحا
والصلاة على الرحمة المهداة للعالمينا
محمد خير خلقه الصادق الامينا
اللهم صلي وسلم عليه تسليما
روى ان يوم من الايام في الماضيي البعيدا
مر مجنونا على عابد يتعبد ربه ومن خوفه داعيا
اللهم لا تعذبني بالنار فرحمني وبك ناجيا
اللهم ارفق بي فلا قوة لي لتحمل عذابك الاليما
اللهم ان جلدي رقق فلا يتحمل شدة نار جهنما
فارحمني ونجني فانك انت غفارا
فضحك المجنون من العابد فنظر اليه العابد بي استعجابا
فقال : مما تضحك أ من بكائي مقهقها ؟
فقال المجنون: دعائك اضحكني ولي امرك مستعجبا
فقال العابد: ادعائي اضحك صدق من قال فيك مجنونا
ايها المجنون الا تخاف عذاب الله ومن امري تضحكا؟
فرد المجنون قائلا: لا اخاف عذاب الله لأن ظني بالله يقينا
يا ايها العابد اتخاف عذاب الله ولك رب رؤف حليما؟
فقال العابد: ان علي ذنوب لو يؤاخذني الله لمسني عذاب اليما
واني ابكي كي يرحمني وبي رضاه ظفارا
فضحك المجنون اعلى من المرة الأولى ولي العابد مجيبا
فانزعج العابد من امر المجنون حائرا
فقال: مما يضحك هذه المرة ايضا؟
فقال المجنون: ايها العابد ان لك رب عادل ولا يجور عدله ابدا
ايها العابد ان لك رب غفور رحيم تخاف عذابه الاليما؟
فقال العابد : ألا تخاف من الله ايها التعيسا؟
فقال المجنون: بلى, اني اخاف الله لاكن ليس من ناره خائفا
تعجب العابد من امر المجنون سائلا؟
ان لم يكون من عذاب الله تخاف فمما ؟
فقال المجنون:اني اخاف من مواجهته سبحانه ومن سؤاله اصعقا
لما يا عبدي عصيتني وارتكبت اخطاءا؟
فان كنت من اهل الجحيم من غير ان يسالني اهونا
ولا استطيع النظر اليه بعين خائنا و مجيب بي لسان كاذبا
ان كان يرضيه دخولي النار من دون مواجهته فلا بأسا
تعجب العابد من امر هذا المجنون وله مستغربا
فقال المجنون: سا اذيع لك ايها العابد بي سر صغيرا
فلا تذيعه لاحد ابدا
فقال العابد: وما ذاك السر ايها المجنون العاقلا؟
قال المجنون: يا ايها العابد ان ربي لن يدخلني في عذابه قبلا
اتدري لماذا؟
فاسأله لماذا ايها المجنونا؟
لاني عبدته حبا وشوقا وشغفا
وانت عبدته خوفا وطمعا
وظني افضل من ظنك اشواطا
ورجائي لفضل من رجائك وكن مقتبسا
فكن ايها العابد لما لا ترجو افضل مما ترجو وكن محتكما
فموسى عليه السلام ذهب لاحضار جذوة من نار لكي يتدفئا
فرجع بالنبوة ولي بني اسرائيل مبشرا
وانا ذهبت لي ارى جمال ربي فرجعت مجنونا
ذهب المجنون وكعادته من امر العابد ضاحكا
وهنا قال العابد: لا اصدق هذا المجنون ليس بي مجنونا
فهذا اعقل عقلاء وانا المجنون ومن امري باكيا
فا عسى ان تكونوا علمتم ما المقصود ولا تستعجبا
وخذ الحكمة من افواه المجانين ولي امرهم لا تستغربا