يتعذب الانسان وهو راض..!!
شاب صغير في العاشرة من عمره سال: كيف ارى الله ؟ فقيل له: ان تجوع .. وسال : كيف اسمعه ؟ فقيل له : ان تعطش .. وسال : وكيف اتحدث اليه ؟ فقيل له : ان تبتعد عن الناس ؟ ثم سال : وكيف يحدثني ؟ فقيل له : ان ترتفع فوق الناس !
وكان ياكل مرة كل اسبوع . ويشرب مرة كل شهر .. وبنى لنفسه عمودا من الحجارة وراح يرفعه يوما بعد يوم ثم ظل واقفا عليه نهارا وليلا اربعين عاما حتى مات . وكان يرتدي الصوف ويلف حول وسطه حزاما من سعف النخيل - ذلك هو القديس سيمون (( العمودي )) الذي عاش ومات في سوريا !
اما هي فكانت تمارس الغناء والرقص . وكانت تعرف ان لها جسما جميلا ، وان العيون تلفها وتتحسسها ويسعدها ذلك .. وفجاءة تاب الله عليها فخلعت الحرير وارتدت الثياب الخشنه . وهجرت النوم على السرير ، وارتمت على الارض . واغلقت بابها في وجه الناس ز وشباكها في وجه النور . وانفردت به وحدها - ولم يكن الذي انفردت به سوى حبيبها الواحد الاحد.. انه الله .. وانها (( رابعه العدويه )) وقد وصفوها بانها (( السيدة الولية )) ذات المقامات العاليه والاحوال السنيه ، فما هذا الذي يفعله مثل هؤلاء الناس الطيبين ؟
انهم يعذبون انفسهم طمعا في نعيم الله ويتضورون جوعا املا في ان يشبعوا من راحة الضمير . ويعطشون حتى يرويهم الايمان .
اذن ، فالسعادة ليست فقط ان يتخفف الانسان من الام ولكن هناك سعادة اخرى : ان يتعذب الانسان وهو راض ، وان يتالم وهو مستريح . وليست السعادة ان يملا الانسان عينيه بالنوم . ولكن ان يختار السهر والارق ، وهو يذكر الله والقران الكريم . يقول (( تتجافى جنوبهم عن المضاجع ))
وقد عرفوا في الديانه المسيحيه باسم الرهبان اي الذين يرهبون الله ويخافون معصيته ويرهبون ان تشغلهم الدنيا عن ذكر الله ..
والمتصوفون المسلمون : رهبان ايضا .
واول من اطلق عليه اسم (( صوفي )) او متصوف هو عالم عراقي اسمه جابر بن حيان .. وهو صوفي لانه يرتدي الملابس الصوفيه الخشنه التي تؤذيه اذا جلس وتوجعه اذا نام ..
وهناك حديث يقول لارهبانيه في الاسلام . وهذا الحديث ليس صحيحا . وانما نسبوه الي الرسول عليه الصلاة والسلام . ففي الاسلام اناس صالحون كثيرون اختاروا هذه الرهبانيه ، اي الزهد في الحياة والقناعه بالقليل من كل شئ .
وعندما نفد حكم الاعدام في القديس (( توماس بيكت ))اكتشفوا انه كان يرتدي تحت مسوحه الدينيه الانيقة قميصا من الصوف لم يخلعه مدى الحياة . وقد امتلا هذا القميص بالحشرات ثم ان هذا القميص قد ترك اثار دموية غائرة في لحمه - وبكوا عليه بعد ان شنقوه !!
وغيرهم كثيرون في الديانات الاخرى .
اقتباس من كتاب ( جسمك لايكذب )
|