جيفارا...................... مساء عراقي بامتياز
هل سألت يوما عن شابٍّ مات فجرا بلا رصاصة غادرة
هل سألت لمرّة عن طفلٍ يرضع الدم!
هلا سألت عن شيخٍ مسنٍّ في أطراف جنين
يرقد وحفيده منذ أيّام!
عطر عروسة في الأرجاء
أولدت من رحم الذاكرة كلّ المأساة!
ابتلعتها الأرض فجأة وهي تبتسم للسماء!
قادرٌ قديرٌ من يعتلي ذاك البرج
عاجيّ المنافذ
ذهبيّ الزجاج
ومن أعاليه يرى أسوار بغداد!
يحاول أن يرجمها فتفقأ عينيه
يحاول أن يدمرها فترتسم في التراب!
يحاول أن يخدعها
أن يخونها
فتعود كما كانت بغداد!
فلا يبقى له سوى أن يشتمها...
نذير عجز ليس إلاّ!
تصل الشتيمة إلى أسوار بيت لحم
تجول وتجول غدرا
تدخل نوافذ شارونيّة المماسك
تتحوّل إلى دبابات
وجرافات تردم الأبنية والناس
تحوّل الجميع إلى كومة تراب!
وترتسم أرض فلسطين في التراب
أناسا يرسمونها بالدم
بأكاليل شهادة
بالغار
وترتد الشتيمة إلى مصدر العار!
تتناتش أشلاء أذيالٍ مسعورة
وإن أوصلتهم دباباتهم إلى كل مكان
تتوغل بهم
تقتل الطفل
والأرملة والجد
وتخزّن كلّ الدماء في التراب!
هم لا يعلمون بأن كلّ نفسٍ
تأبى مغادرة هذه الأرض
دون نثر دمائها على تراب القدس
تخزّنه لأجيال وأجيال
حيث سيعمّ سلام الإنسان من دون شقاء
من دون رياء
من دون خيانة
من دون تهرّب
من دون اللامبالاة التي تحكمنا هذه الأيّام!
جيفارا...
لو أن تلك الشتائم الموجّهة في القمم
تنصب على مصدر القنابل
من دون مغالاة
أكنا في هذا التشرذم والضياع؟
يبقى أن يتكل الإنسان على نفسه
يبقى أن يعاني ويعاند
يبقى أن يثابر حتى التحرير رغم الدماء!

الطيبة وتقديري
............. الصابر