رد: قراءة ،،فوضى الحواس ،، رواية تسبح ضد التيار
المهم .. لنعد إلى موضوع الرواية . وتأخذ لها كتاباً من المكتبة .. وتتفاجأ بأنهُ يحفظ إحدى رواياتها إلى الحد الذي يذكر فيه رقم الصفحة والمقطع السردي " يبدو لي إنني أتطابق مع خالد في تلك الرواية . ولكن لا خطر من إعارتك هذا الكتاب .. ما دام ليس ديواناً لزياد ! " ص 187 .
ويغادرها دون وداع.. يسافر إلى فرنسا.. ويعود .. ليس من أجلها، بل من أجل الوطن . لا تتمالك نفسها وهي تجده في صورة مع " بو ضياف " على صفحة الجريدة . تهاتفه .. تسافر من قسنطينة - محل إقامتها - إلى العاصمة لتقابله في تلك الشقة " الحب أن تسمحي لمن يحبك بأن يجتاحك ويهزمك، ويسطو على كل شيء هو أنتِ. لا بأس أن تنهزمي قليلاً.. الحب حالة ضعف وليس حالة قوة . " ص261 .
وتكتشف بأنه يوقع مقالاته باسم "خالد بن طوبال " بطل روايتها "ذاكرة الجسد" ويكاشفها بالحقيقة .. بأنه مجرد صحفي أراد أن يتعرف إليها بحجة إجراء حوار لجريدته . وفي نفس يوم صدور كتابها يتعرض لحادث تُشل فيها ذراعه ، وفي فترة النقاهة يقرأ روايتها.. ويذهل ، فكم يشبهه بطل الرواية " خالد بن طوبال " وفي كل شيء !
" - لقد تواطأ الأدب والحياة ، ليهديا إلينا قصة الحب التي هي من الجمال بحيث لم يحلم بها قارئ وكاتبة قبل اليوم. أنتِ نفسك كروائية تجاوزتكِ قصتنا لأنها أغرب من أن تجرؤي على تصورها في كتاب .
- أعترف بأني ما كنتُ تصورت أمراً كهذا. برغم كوني حلمت دائماً بقارئ يأتي ليقاصصني بكتاباتي . " ص325 .
ويالسخرية القدر أو سخرية الكتابة، فمن التقت به في قاعة السينما هو ليس هذا الرجل الذي أحبته ، بل صديقه عبد الحق - وهو صحفي أيضاً - والشقة هي ليست له، بل لعبد الحق.. والكتاب الذي أخذته من المكتبة لتهتدي به إليه من خلال التأشيرات ليس له، بل لعبد الحق!
وبالصدفة .. تقرأ في جريدة الصباح " وداعاً .. عبد الحق " ! فقد اغتالوه ! وتذهب للمقبرة لتشيّعه.. تلبس نفس الثوب الأسود الذي كانت ترتديه يوم التقيا في قاعة السينما وفي قهوة "الموعد". لم يكن معها سوى دفترها الأسود الذي كتبت فيه هذه الرواية الغريبة، الجميلة.. حد السحر !
لم تبكِ.. غادر الجميع.. وبقيت وحدها.. وضعت الدفتر الأسود على كومة التراب.. ومضت دون أن تلتفت إلى الوراء !
" أكانت تتحرش بالحياة ؟ وإذا بالحياة تعيد إصدار كتابها، في طبعة واقعية، وإذا بها القارئة الوحيدة لنسخة مزورة تكفّل القدر بنقلها طبق الأصل عن روايتها ، بعد أن أدخل عليها بعض التغييرات الطفيفة في الأسماء، أو في تسلسل الأحداث، كما في كل السرقات الأدبية !" ص 364 .
وبالبداية نفسها تنتهي الرواية، فها هي تذهب لمحل لبيع القرطاسية - كما فعلت قبل عام - وربما يثير انتباهها دفتر له غلاف أسود أو أحمر أو أصفر . وتترك الرواية مفتوحة لبداية رواية اخرى !
رواية "فوضى الحواس "ملأت أعماقنا بالحزن واللوعة والدهشة. ونكتشف ونحن ننتهي منها إننا كنا أسرى هذه الكاتبة المبدعة التي علّقت أجراساً للأحداث ووضعت القوافي لعباراتها، فكانت أشبه بقصيدة !
* " فوضى الحواس " . رواية للكاتبة أحلام مستغانمي. صدرت عن منشورات احلام مستغانمي/ الطبعة الثانية عشر/ 2003م .
كُليزار أنور
توقيع : هيام1
قطرة الماء تثقب الحجر ، لا بالعنف ولكن بدوام التنقيط.
زهرة الشرق
|