عرض مشاركة واحدة
قديم 31-07-11, 08:10 AM   #5
 
الصورة الرمزية حبىالزهرة

حبىالزهرة
المراقب العـام

رقم العضوية : 1295
تاريخ التسجيل : Oct 2003
عدد المشاركات : 29,780
عدد النقاط : 263

أوسمة العضو
لاتوجد أوسمة لـ حبىالزهرة
رد: طه حسين في ذكرى رحيله السابعة والثلاثين



اهلا بك Red_eYe

ما جاء عنه وتأثره بالحياة الأوروبية


غادر طه حسين إلى أوربا، فرنسا تحديداً. وهناك اصطدم بحضارة مغايرة صارخة، ثرية وبراقة. واختلف طه حسين إلى مسارح باريس ومتاحفها ومكتباتها، وتعرف على فنونها وآدابها وموسيقاها ونظمها الاجتماعية والسياسية



فأحس بالفارق الهائل بين الحاضرة الأوربية الحديثة من جهة وبين مصر وهي ترزح تحت سياط الفقر والأمية والتخلف الاجتماعي والثقافي والسياسي من جهة ثانية لذلك لم يكن مستغرباً أن يتأثر طه حسين بمعطيات الحضارة الغربية،



وأن يدعو إلى التشبه بها والأخذ بأسبابها. فطه حسين كان من المنبهرين بالغرب. ولا شك أن انبهاره هذا كان مسؤولاً عن آرائه وأفكاره حول التراث العربي الإسلامي وتاريخ مصر والعرب، ودعوته إلى الإقليمية المصرية،


وعن تصوراته حول مستقبل مصر وثقافتها. ولا بد من الإشارة إلى ما للمستشرقين ونظرتهم من دور في تكوين وعي وثقافة طه حسين والذين تتلمذ على أيديهم سواء في مصر أو في السوربون.



فعبوره إلى باريس أخرجه من إطاره الفكري/ الأزهري الديني ليدخله في إطار آخر مختلف ذي طابع حضاري مادي، على الرغم من أن طه حسين لم يكن مادياً بالمعنى التقليدي للكلمة، في تفكيره ورؤيته الفلسفية.





هذه المفارقات هي تضلعه بالموروث وبعلوم اللغة العربية وآدابها وبالتاريخ والفقه الإسلاميين نتيجة دراسته في الأزهر ليتماس بعد ذلك مع الغرب ويتبنى أفكار منظّري عصر التنوير الأوروبي، فهو الابن البار لمفكري النهضة العربية بدءاً من الطهطاوي ومروراً بأحمد لطفي السيد وانتهاءً بمحمد عبدة، كما هو التلميذ الذي تشرب عقله بأفكار كانط وديكارت وأوغست كونت وأرنست بلوخ وأميل دوركهايم وغاستون لاتسون وغيرهم،


إذ أخذ العدّة المنهجية الغربية الحديثة ولا سيما منهج الشك لديكارت ليحاكم بها الموروث الفكري والتاريخي العربي وما جرّه عليه ذلك من خصومات وعداوات ومعارك واتهامات ومحاكمات.



وكان صدور كتاب ( في الشعر الجاهلي )/ في العام 1926 أول الشرارة الكبيرة إذ أحدث معه إزاحة حقيقية في إطار الفكر العربي الإسلامي من خلال اقتحامه لأرض مجهولة في ميدان ذلك الفكر،



ربما لم يدرك طه حسين تماماً أنه، عبر كتابه هذا، إنما يهدد منظومة فكرية قارّة، بكاملها، ترسخت أسسها منذ مئات السنين، أو هو يدخل منطقة فكرية محظورة، ويستنطق فيها المسكوت عنه، والممنوع التفكير فيه، وأنه يخلخل آليات منهج ونظام فكر فاتحاً كوّة واسعة في الجدار الصلد لهما،



فطه حسين، كما يقول غالي شكري "كحلقة في سلسلة الفكر البرجوازي الجديد قد دعم الرؤية الليبرالية الوافدة على الثقافة بشاهد خطير يمس قدس الأقداس عند الفكر السلفي وهو اللغة". وهو بتبنيه لمنهج الشك عند ديكارت قد سعى إلى النظر بموضوعية علمية لكل ما أصبح في ثقافتنا بحكم المسلّمات غير القابلة للجدل والنقاش، لتفضي خطوته هذه بالتالي إلى جعل المؤسسات القديمة في مهب الريح.


وما فعله طه حسين هو أنه وجد أن كثيراً من الشعر الجاهلي منحول وأنه ينتمي بأسلوبه ورؤيته وصوره إلى صدر الإسلام وثقافته،



غير أن هذا ليس كل ما قاله في كتابه آنف الذكر وإنما بات لا يرى لتفاصيل بعض قصص القرآن أساساً تاريخياً، وإنما وجدها واردة لغايات تربوية، ومن أجل أخذ العبرة واكتساب الموعظة الحسنة..



كان يريد أن يضع المؤسسة التقليدية ومنظومتها الفكرية في محكمة العقل والعلم، بغض النظر عن مقدار ما أصاب أو أخطا في هذا.



ولم يكن في هذا مفكراً مادياً بحسب غالي شكري، بالمعنى الذي ذهبت إليه طروحات الماركسية والبراغماتية والوضعية والتجريبية، وإنما "يظل مفكراً مثالياً بالمعنى الفلسفي كديكارت نفسه، وإنه لم يتخذ من ديكارت ولا من أوغست كونت سوى بعض العناصر المنهجية غير المترابطة عضوياً في نظام فلسفي متسق،



أي بلغة هذه الأيام قد استلهم الشعار أكثر من استلهامه لأسس البناء المنهجي وطوابقه الشاهقة". ويقول طه حسين عن منهجه هذا أنه قصد به "التمحيص على ضوء العقل وعدم التسليم الأعمى بما رواه الأولون وأخبرنا به السلف".


هذا هو طه حسين

تحيتي لك


توقيع : حبىالزهرة

الصدق في أقوالنا أقوى لنا
والكذب في أفعالنا أفعى لنا


زهرة الشرق .. أكبر تجمع عائلي

حبىالزهرة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس