ماذا بعد سقوط صالح اليمن؟
الأحد 27 مارس 2011 نيويورك تايمز
بعد 33 عاما في الحكم، ظهر الرئيس اليمني علي عبدالله صالح على شاشة التلفزيون الحكومي بصورة يملؤها التحدي، معلنا عن عفو عام بحق العسكريين الذين انضموا للمعارضة.
كانت ملاحظاته المقتضبة هي آخر أنشطة أسبوع من الدراما السياسية الذي قتل خلاله العديد من المتظاهرين بالعاصمة صنعاء، وشهد تمرد قيادات عسكرية رفيعة المستوى.
رجال القبائل خرجوا مع الطلاب، الانفصاليون الجنوبيون رددوا صدى شعارات متمردي الشمال. حتى القبائل المتناحرة وضعت خلافاتها وحسابات الدم التي بين بعضها البعض جانبا مصطفة مع الصالح العام.
لقد استطاع صالح البقاء في البيئة السياسية المتقلبة والصعبة المراس، عن طريق استخدام سياسة فرق تسد بذكاء. حاول هذه المرة فعل الشيء نفسه فقدم تنازلات سياسية وأموالا طائلة وسيارات جديدة للحلفاء والأنصار، بالاضافة الى قمع عنيف للمظاهرات.
لكنه الأسبوع الماضي تجاوز الخطوط الحمر.بعد صلاة الجمعة الماضية، قام قناصة بفتح النار على المتظاهرين فيما يسمى «ساحة التغيير» وقتلوا 50 وجرحوا المئات. سفك الدماء ذاك تسبب في انقلاب عدد من الديبلوماسيين والعسكريين على صالح، من ضمنهم آمر الفرقة المدرعة الأولى اللواء علي محسن الحمر.
فقد ظهر الأخير على شاشة «الجزيرة» الاثنين الماضي وأعلن انه يساند المظاهرات التي تنادي بسقوط صالح وان قواته ستحمي المتظاهرين.
من المؤكد انه بعد يوم من مغادرة صالح للحكم ستتلاشى نشوة النصر ومشاعر الوحدة الوطنية بسرعة، عندما يواجه المتظاهرون مسؤولياتهم في إعادة بناء بلدهم بعد سنوات من سوء الحكم والفقر.
الحكومة المقبلة، أيا كان شكلها، سيكون عليها اتخاذ قرارات صعبة لن تحظى بتأييد شعبي. التحالفات التي ألف بينها مطلب تنحي صالح لن تصمد بوجه تداعيات رحيله. فعلى سبيل المثال، سيقول الجنوبيون ان الثورة هي الخطوة الأولى نحو استعادة دولتهم المستقلة.
اما واشنطن وحلفاؤها فسيكون لديهم مجال ضيق جدا للمناورة ووضع اليمن على المسار الصحيح. ولا يمكن للحكومة الأميركية بعد الآن ان تصر على التعامل مع اليمن فقط من زاوية مكافحة الإرهاب.
رغم إصرار إدارة أوباما على انها تسعى للحصول على مجموعة واسعة من الحلول لعدد كبير من مشاكل اليمن، فإن المساعدات العسكرية لمكافحة الإرهاب تمحو كل الإيجابيات.
الولايات المتحدة بحاجة الى القيام بالمزيد لتعزيز التنمية في اليمن والمساعدة في خلق مزيد من فرص العمل وتوعية الناس وتعليم الشباب بهذا البلد، ومساعدة القرى الريفية التي عانت سنوات من مدارس فارغة وبلا كهرباء.لتعتبره الولايات المتحدة استثمارا استراتيجيا لهزيمة الجيل الحالي من الإرهابيين ومنع تشكيل أجيال جديدة منهم بالمستقبل.
ولنأخذ قصة إحدى القرى عبرة فقد كانوا بحاجة ماسة ويائسة الى تعليم أبنائهم لدرجة انهم استعانوا برجال القاعدة ليعلموا أبناءهم، ولكن عندما قصفت القوات الأميركية القرية فر رجال القاعدة وتركوا كل شيء وراءهم. وعادت مدارس القرية خاوية.
قد تكون هذه هي فرصة الغرب الأخيرة في اليمن. إذا سقط صالح وفشل المجتمع الدولي هذه المرة، فسيكون تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية على أهبة الاستعداد للاستفادة من هذا الوضع.
لقد بدأوا بالفعل، ويظهر ذلك في بياناتهم الأخيرة التي تثير موضوع فشل الحكم الملكي والجمهوري باليمن، وانه حان الوقت ليعود اليمن الى النهج الصحيح، نهج الشريعة الإسلامية.
إذا لم يتم اتخاذ خطوات جدية لإنقاذ اليمن من ذلك المسار، فإن تلك الحجة ستكون أكثر جاذبية.