رد: أوَ نُؤجَرُ ويأثمونَ
سليمان بن مهران الأعمش
أحد كبار أئمة المحدثين المتفق على وثاقتهم وجلالتهم عند السنة قال فيه ابن حجـر في التقـريب : ثقـة حافـظ ، عـارف القـراءات ، ورع ، لكنه يُدلس (1) ، وقـال الذهبي : الإمام ، شيخ الإسلام ، شيخ المقـرئين والمحـدثين (2) ، وقال علي بن المديني حفظ العلم على امة محمد (ص) ستة فلأهل مكة عمرو بن دينار ولأهل المدينة بن شهاب الزهري ولأهل الكوفة أبو إسحاق السبيعي وسليمان بن مهران الأعمش ولأهل البصرة يحيى بن أبي كثير ناقلة وقتادة (3) ، وقال فيه يحيى بن سعيد القطان : كان من النساك وهو علاّمة الإسلام . (4) وحكى الحاكـم عـن ابن معين أنه قال : أجود الأسانيد الأعمش عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله . فقال له إنسان : الأعمش مثل
(1) تقريب التهذيب ص 254 رقم 2615 .
(2) سير أعلام النبلاء ج6 ص 226 رقم 110 .
(3) تهذيب الكمال ج12 ص 84 .
(4) سير أعلام النبلاء ج6 ص 228 ، تهذيب التهذيب ج4 ص 196 .
الإنصاف في مسائل الخلاف ج1 .................................................. ........................ 91
الزهري ؟ فقال : برئت من الأعمش أن يكون مثل الزهري ، الزهري يري العرض والإجازة ويعمل لبني أمية ، والأعمش صبور ، مجانب للسلطان ، ورع ، عالم بالقرآن . (1)
والكلمات في فضله ومقامه عندهم كثيرة يجدها المتتبع في كتب أحوال الرواة وقرّاء القرآن الكريم .
والمعروف عند السنة رغم كونه من أئمتهم المشهورين أنه كان من المـدلسين ، ولم يعاب عليـه سوى ذلك ، ولـذا قال الذهبي بشأنـه (2) : ثقة حجة ، لكنه يدلس عن الضعفاء . (3)
وقال أيضاً : أحد الأئمة الثقات ، عداده في صغار التابعين ، ما نقموا عليه إلا التدليس . (4)
ومع هذا فقد اتهمه بالتشيع بعضهم ، قال العجلي : كان ثقة ، ثبتاً في الحديث وكـان محـدث أهل الكـوفة في زمانـه ، ولم يكن له كتاب ، وكـان رأساً في القرآن ، عسراً ، سيء الخلق ، عالماً بالفرائض ، وكان لا يلحن حرفاً وكان فيه تشيع . (5)
(1) تهذيب التهذيب ج4 ص 196 .
(2) الرواة الثقات المتكلم فيهم بما لا يوجب ردهم ص 105 رقم 41 .
(3) الرواة الثقات المتكلم فيهم بما لا يوجب ردهم ص 105 رقم 41 .
(4) ميزان الإعتدال ج2 ص 224 رقم 3517 .
(5) تهذيب التهذيب ج4 ص 196 .
92 ................................................. قيمة اتهام الرواة بالتشيع في كلمات علماء السنة
وقال أبو إسحاق الجوزجاني الذي صرح الحفاظ بكونه من النواصب : وقال وهب بن زمعة سمعت عبد الله يقول : إنما أفسد حديث أهل الكوفة الأعمش وأبو إسحاق .
قال أبو إسحاق الجوزجاني : وكذا حدثني إسحاق بن إبراهيم حدثنا جرير سمعت مغيرة مرة : أهلك أهل الكوفة أبو إسحاق وأعيمشكم هذا قال أبو إسحاق : وكذلك عندي من بعدهم إذ كانوا على مراتبهم من مذموم المذهب وصدق اللسان . (1)
وهذا حاصل ما قيل في الأعمش بالنسبة إلى التشيع ، ولعله لأجل ذلـك قال السيد المحقق الخوئي (قدس سره) : ولا إشكال في أنّ تشيع الأعمش من المتسالم عليه عند الفريقين . (2)
وقال الشهيد الثاني (قدس سره) : وقد ذكره العامة في كتبهم ، وأثنوا عليه مع اعترافهم بتشيعه . (3)
وقـال الشيخ البهائي (قدس سره) : وكـان من العبـاد الزهـاد ، والـذي استفدته من التواريـخ أنه من الشيعـة الإمامية ، والعجب أنّ أصحابنا لم يصفـوه بذلـك في
(1) تهذيب التهذيب ج4 ص 196 .
(2) معجم رجال الحديث ج8 ص 281 رقم 5508 .
(3) تنقيح المقال ج2 ص 65 ، معجم رجال الحديث ج8 ص 281 .
الإنصاف في مسائل الخلاف ج1 .................................................. ........................ 93
كتب الرجال . (1)
وهذا الكلام من الأعلام المحققين في غاية الغرابة ، بل هو مما لا ينقضي منه العجب ، فلم ينسبه إلى التشيع سوى العجلي الذي يقول بشأنْ عمر بـن سعد لعنه الله : وهو تابعي ثقة ، وهو الذي قتل الحسـين بن علي (ع) . (2)
وأما أبو إسحاق الجوزجاني فتقدم تصريح غير واحد من كبار علماء السنة بأنه من النواصب المعروفين ، ولم نجد من ذكره بالتشيع غير من قدمنا على أنّ التشيــع عنـدهـم يتحقــق بالقــول بتفضيـل أمير المؤمنـين (ع) على عثمان مع تفضيل أبي بكر وعمر عليه ، بل يتحقق بأدنى من ذلك حتى برواية بعض الأحايث في مناقب العترة الطاهرة ، ولذا نسب إلى التشيع علي بن المديني والدارقطني والطبري والنسائي والحاكم وغيرهم الكثير ممن لا يسع المقام لذكرهم ، وكلامهم في الأعمش ظاهر في كونه من أئمتهم المعتمدين لديهم الذين لا تتطرق عندهم بالنسبة إليه شائبة الغمز لولا التدليس ودعوى التسالم على تشيعه دعوى لا تستند إلى أساس معتبر ، بل غايتها التأثر بما ذكره الشهيد الثاني (قدس سره) بشأنه .
|