عرض مشاركة واحدة
قديم 31-10-09, 01:50 AM   #25
 
الصورة الرمزية okkamal

okkamal
المشرف العام

رقم العضوية : 2734
تاريخ التسجيل : Apr 2005
عدد المشاركات : 14,840
عدد النقاط : 203

أوسمة العضو
لاتوجد أوسمة لـ okkamal
رد: سلسلة زوجات الرسول (ميمونة بنت الحارث)


الحج والدعوة

لكن الشيخ إلياس سرعان ما اكتشف أنه يجهد نفسه في عمل جزئي لا يؤدي إلى علاج المرض المستمسك بالمسلمين، وفي هذا الوقت قرر شيخه خليل أحمد السهارنفوري الذهاب إلى الحج سنة 1344هـ، فقرر محمد إلياس مصاحبته، وبعدما أدى مناسك الحج مكث بالمدينة المنورة خمسة أشهر، وقد شهدت فترة الحج حدثين تاريخيين:

الأول: تمثل في انطلاق الشرارة الأولى للعمل الدعوي، والخروج في سبيل الله في عدة مناطق بالسعودية.

والثاني: تمثل في استقبال الملك عبد العزيز آل سعود للشيخ محمد إلياس، وعدم اعتراض الملك على منهج وعمل الشيخ.

كما تمكن الشيخ وهو بالسعودية من الالتقاء ببعض العلماء ورجال السلطة المشهود لهم بالعلم واتباع السنة، ولم يكن يلمس منهم اعتراضا واضحا على دعوته، وربما كان هذا ما يفسر تغير أسلوبه الدعوي مباشرة بعد رجوعه من الحج؛ فبعد عودته من الحج بدأ يقوم بجولات دعوية، ودعا الآخرين أيضا إلى القيام بتلك الجولات ودعوة الجماهير إلى تعليمات الإسلام الأولية وفرائضه كالتوحيد والصلاة، وكانت مثل هذه الدعوة غير معهودة لدى الناس، وكان لهج العامة بدعوة الدين مما يستغرب، ولكن بعض الناس قاموا بهذا العمل على خجل وحياء.

وهكذا سار الشيخ وجماعة من أنصاره بميوات، يخرجون إلى المدن المجاورة، ويضعون برنامجا أسبوعيا يلتزمون به في دعوتهم إلى الله تعالى، كما صاحب ذلك القيام بحفلات عامة.

في عام 1351هـ اتبع محمد إلياس أسلوب الرسول صلى الله عليه وسلم في عرض دعوته، وهكذا حج للمرة الثالثة مستغلا توافد المسلمين من كل أصقاع العالم لينشر رسالته الداعية إلى تبليغ الدعوة والخروج في سبيل الله تعالى.

الرحلات الدعوية

بعد عودته من الحج سنة 1352هـ ذهب في أول خروج كبير في سبيل الله، وفي رحلتين ضمتا مائة شخص على الأقل، فبدأت النتائج الإيجابية تظهر في ميوات، وأخذت أفئدة الناس ترتبط بالشيخ وأنصاره من جماعة التبليغ، وأخذت مظاهر التدين تنتشر، وتبعث من جديد، وكثر بناء المساجد والكتاتيب القرآنية، وانتشر العلم الديني، وقد وصف محمد إلياس هذا المشهد بالقول: "لقد كان لرحلات الجماعة الدعوية إلى مناطق الولاية الشمالية تأثير أي تأثير؛ فإنه على قلة الأفراد الذين قاموا برحلات تبليغية، وعلى قلة الوقت الذي ليس بشيء مقابل الوقت الذي يصرفه الناس في بيوتهم وأوطانهم، كان له من التأثير ما جعل الناس تدور على ألسنتهم كلمة "الانقلاب العظيم"، وبدأت مشاعر الناس في منطقتكم من أولي الجهالة العمياء الصماء البكماء الخبيثة تتحول إلى مشاعر طيبة دفعتهم إلى نشر الدين".

بعد إعداد العدة البشرية التبليغية من الميواتيين ضاعف الشيخ إلياس الجهود الدعوية والتعليمية، معتمدا في ذلك على الحفلات والرحلات وعقد الندوات، ورغم أن مجهوداته لقيت إقبالا واسعا، فإن اعتماده على الميواتيين تعرض للنقد؛ لقلة علمهم، وهو ما اعترف به الشيخ نفسه، إلا أنه اعتبرهم قدوة للمسلمين من حيث بذل الجهد والوقت والمال في سبيل نصرة الدين، ونهج أسلوب الرسول صلى الله عليه وسلم في الدعوة، فالتبليغ كما يرى الشيخ لا يقوم بالخطب والمواعظ، بل بالعمل الميداني اليومي، وإذا كان هذا العمل يبدو غريبا فإن إحياء الشعور الديني والوعي الإسلامي يحتاج إلى نماذج عملية تتحرك أمام الناس، وتتجاوز الصعاب المعرقلة لهذا الجهاد الجديد.

إرهاصات التنظيم

ونظرا لديناميكية الرجل وأتباعه استطاع في وقت وجيز تنظيم جولات تبليغية إلى مناطق متعددة من الهند منها: سهارنوفر- مظفرنكر- دهلي.. وهذه المدينة الأخيرة ستشهد حدثا تاريخيا بارزا في الحياة التنظيمية لجماعة التبليغ؛ فقد عين الشيخ محمد إلياس الشيخ الحافظ مقبول حسن كأول أمير على جميع الجماعات التبليغية بمدينة دلهي؛ وفي مسعاه التنظيمي قرر الشيخ حسن بدوره، أن تجتمع الجماعات في المقر الدعوي ليلة الجمعة، وتجتمع يوم الأربعاء الأخير من كل شهر في المسجد الجامع الكبير؛ للتشاور وإعداد البرنامج الدعوي الشهري.

ولا يخفى على الباحث في تاريخ الجماعة مدى أهمية هذا الأسلوب التنظيمي؛ حيث يعتبر مؤشرا حاسما على كون جماعة التبليغ والدعوة تنظيما دينيا ينبني في أسسه الهيكلية على التنظيم العصري الحديث.

وفي نفس السياق كان للرحلة الدعوية التي ترأسها محمد إلياس إلى مدينة لكنئو كبير الأثر في رسم البرنامج اليومي لجماعة الدعوة والتبليغ إلى يومنا هذا؛ فقد قرر زعيم التنظيم ومن معه، وهم بهذه المدينة، أن يخرجوا كل يوم بعد صلاة العصر، وأن يقوم أفراد الجماعة بالجولة بعد صلاة المغرب إلى شوارع المدينة وحوانيتها.. وبعد صلاة العشاء يجتمع الجمع بالمسجد للحديث عن مبادئ الجماعة وأهدافها في "خطبة أو خطبتين"، أما بعد صلاة الفجر فيخصص للتعليم، وتجويد القرآن الكريم، ومعرفة أحوال الصحابة، وعرض أصول التبليغ وطريقة ممارستها.

وبقيت الجماعة على هذا المنهج بعد وفاة مؤسسها، الذي خلفه ابنه محمد يوسف، وفي عهد مرشدهم الحالي إنعام الحسن.


okkamal غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس