عرض مشاركة واحدة
قديم 31-10-09, 01:47 AM   #23
 
الصورة الرمزية okkamal

okkamal
المشرف العام

رقم العضوية : 2734
تاريخ التسجيل : Apr 2005
عدد المشاركات : 14,840
عدد النقاط : 203

أوسمة العضو
لاتوجد أوسمة لـ okkamal
رد: سلسلة زوجات الرسول (ميمونة بنت الحارث)


في ظل أجواء تحمل طابع خصوصية الواقع الذي يحياه المسلمون في الهند، بدأت إرهاصات منهج جماعة التبليغ والدعوة التي تشكلت معالم فكرتها على يد الشيخ محمد إلياس الكاندهلوي الذي خط منهجا في العمل الإسلامي والدعوة لجماعته يحمل قدرا كبيرا من الخصوصية والتميز، وفيه من الجديد في الوسائل والآليات ما يجعله يفترق كثيرا عن مناهج الجماعات والحركات الإسلامية التي نشأت داخل ربوع الهند وخارجها.

ولد الشيخ محمد إلياس الكاندهلوي سنة 1303هـ، من أسرة متدينة عريقة الارتباط بالدين وعلومه، كما عرف عنها نزعة التصوف والزهد في الدنيا وملذاتها، وينتمي نسبها إلى الصحابي الجليل أبي بكر الصديق رضي الله عنه، استمد من أبيه الشيخ محمد إسماعيل أسلوبه الديني، ومنهجه في الاستقطاب، والتوفيق بين طبقات من المسلمين متباينة المشارب والثقافة، كما يرجع الفضل لأبيه في تأسيس القاعدة الأولى لمنهج الدعوة والتبليغ؛ حيث أسس الشيخ إسماعيل "مدرسة الكوخ" التي ذاع صيتها فيما بعد.

وفي مسقط رأسه بقرية كاندهلة بمحافظة سهارنفور تلقى محمد إلياس تعليمه الأولي قبل أن ينتقل إلى أكبر مدرسة تتبع المذهب الحنفي تسمى مدرسة ديويند، وهي أكبر مدرسة في حينها لهذا المذهب في شبه القارة الهندية.

لم يقتصر الأمر على الأب والأم في صياغة شخصية زعيم جماعة الدعوة والتبليغ، بل تدخلت بصمات أخيه الشقيق محمد يحيى لبناء عقلية الطفل محمد إلياس الروحية والعلمية؛ ففي مدرسة مظاهر العلوم بسهارنفور ربطه شقيقه بالقرآن وعلوم اللغة التي يتقنها، كما غرس فيه حب العلم، وعشق الكتب التي كانت لمحمد يحيى مصدرا للرزق والعلم.

انتقل محمد إلياس إلى كنكوه، وهي قرية بمديرية سهارنفور، بأترابراديش بالهند، ولم يكن الأمر في الحقيقة مجرد تغيير مكاني، أو دخول في مسار علمي جديد، بل كان الأمر نقلة نوعية على مستويات ثلاثة: الأول يخص التزكية والتربية الروحية، والثاني، يتعلق بالمسار العلمي، أما الثالث فهو اكتساب عطف وقبول كبار العلماء.

الكاندهلوي والبيعة

قدم محمد إلياس "كنكوه" ولما يتجاوز بعد 10 أو 11 سنة، وعاش في هذه القرية زحمة النشاط الديني، والشعور بالانتماء العقدي والحضاري للإسلام، كما عايش فيها الرموز الدينية، وتربى على يد كبار المشايخ، خاصة الشيخ أحمد الكنكوهي (1829-1905م)، ورغم أن هذا الأخير لا يقبل بيعة طلبة العلم، إلا أنه أخذها من محمد إلياس؛ لما كان يلمسه من كفاءاته في التحصيل العلمي، ومن وشائج الارتباط الروحي بينهما، واستمرت هذه العلاقة إلى حين وفاة الكنكوهي سنة 1323هـ.

وبعد صراع مرير مع المرض الذي أقعده عن العلم والدعوة، عاد محمد إلياس، الحافظ للقرآن الكريم، ليتم مسيرته العلمية في دراسة الحديث وعلومه، فانتقل سنة 1326هـ إلى حضن شيخ الهند العلامة محمود حسن، الذي كان يرأس حينئذ هيئة تدريس الحديث بدار العلوم بديويند، فأخذ عنه جامع الترمذي وصحيح البخاري، بينما أخذ عن أخيه محمد يحيى بقية الكتب الستة.

وفي صورة معبرة عن التدين الهندي، والالتزام بالإسلام، بايع محمد إلياس شيخه الجديد أحمد السهارنفوري بيعة يقصد منها اتباع السنة والفرائض الدينية والأذكار المأثورة، كما أنها طريقة عرفية هندية يتم فيها التعبير عن تجديد الإيمان والارتباط الوثيق بالدين.

وبعد أن أخذ المريد محمد إلياس الإذن من شيخه السهارنفوري، انتقل سنة 1336هـ إلى منطقة "كاندهلة"، وبها مرض مرضا شديدا، ولما تعافى مما ألم به رحل إلى نظام الدين، ليدخل مؤسس جماعة التبليغ في مرحلة جديدة اختلط فيها العلم وتلقينه بالتصوف والتربية عليه.

يتبع


okkamal غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس