عرض مشاركة واحدة
قديم 30-07-09, 11:52 AM   #1
 
الصورة الرمزية هيام1

هيام1
مشرفة أقسام المرأة

رقم العضوية : 7290
تاريخ التسجيل : Apr 2007
عدد المشاركات : 15,155
عدد النقاط : 197

أوسمة العضو
لاتوجد أوسمة لـ هيام1
كم هي عزيزة دموع الرجال الأقوياء



[align=center]دموعكم عزيزة علينا ياأبائنا الفلسطينين
في ريبورتاج مصور عرض منذ عدة أيام على إحدى الفضائيات عن الفلسطينيين العالقين على الحدود العراقية السورية. ظهر رجل في خريف العمر وهو يسقي بعض النبتات الخضراء التي أحاط بها خيمته الخاوية إلا من رفيقة دربه الصابرة التي شق الزمان وعادياته أخاديد غائرة في وجهها الطاهر الذي يلخص المأساة التي يمر بها آلاف الفلسطينيين في المخيم الذي يتزايد بؤس سكانه وتعدادهم يوما بعد يوم فرارا بأرواحهم من جحيم التطهير العرقي والطائفي الذي يجتاح العراق منذ سقوط نظام حكم الرئيس صدام حسين سنة 2003م.
لقد بدا الشيخ الفلسطيني متماسكا وهو يسقي نبتاته حتى سأله المذيع عن أحواله في هذا المخيم فشكر الله وأثنى عليه وحاول الاستمرار في حديثه متماسكا ولكن عظم المأساة التي يمر بها إلى جانب آلاف الفلسطينيين من النساء والأطفال والشيوخ من أمثاله في ذلك المخيم غلبه ليتحشرج صوته بنوبة البكاء التي فاجأته لتكشف عن عمق الألم وبشاعة التشرد ووحشة الغربة وضياع الاتجاه.
لا أدري إن كنتم أيها الإخوة العرب ما زلتم تذكرون كم هي عزيزة دموع الرجال، خاصة إن تفجرت من عينين لشيخ كبير في خريف العمر، عندما يجد نفسه وحيدا في العراء بعد رحلة عذاب وتشرد طويلة للنجاة من جحيم المخيمات لتنتهي به في نهاية المطاف (مهزوما مكسور الوجدان) في أحقر المخيمات، يجدون أنفسهم فجأة بلا حول ولا قوة فما بالك بدموع الشيوخ المعمرين الذين يستحي (الله) من أخذهم بذنوبهم.
وأنا هنا لا أخجل من القول بأنني وربما آلاف من العرب غيري ممن شاهدوا البرنامج قد شاركوا الشيخ الفلسطيني البكاء.
ليس من قبيل التعاطف فحسب ولكن بسبب الشعور العميق بحجم الهزيمة في داخلنا وقلة حيلتنا وهواننا كأفراد وكأمة على أنفسنا وعلى الناس.
هل يعقل أن نأكل ونشرب ونهب لنصرة فقير أو مريض قريب ونتجاهل مأساة آلاف الإخوة في الدين والعرق ممن يعلقون بين بلدين عربيين. لو كان الفلسطينيون في مخيم على حدود وطنهم المغتصب كما في دول الطوق لقلنا إنهم على أبواب الوطن فليدقوا وليدقوا عليها حتى تنفتح إن طوعا أو كرها مهما طال الزمان. أما أن يجبروا على العيش في مخيم على الحدود بين بلدين عربيين فتلك لعمرو الله قاصمة الظهر. فأين جامعة الدول العربية وقبلها أين فلان وفلان الذين يفرضون أنفسهم على الشعب الفلسطيني ويتصدرون الموائد والمؤتمرات للتفاوض باسمه وتقرير مصيره، ثم أين الدول العربية التي تفتح أبوابها للقادمين من مختلف أنحاء العالم.
والله إن ما يمر به الفلسطينيون العالقون على الحدود بين العراق وسوريا وما يتعرضون له من غارات يومية من أفراد العصابات الإجرامية، طمعا في أعراض نسائهم، الشيء الوحيد الباقي لهم بعد ضياع كل شيء آخر لهم، عار وأي عار على كل من ينتمي للعروبة والإسلام.
ومما يزيد من حجم مأساة هؤلاء البؤساء هو أن الدول الغربية ترسل لهم تحت غطاء منظمات الإغاثة الإنسانية من يدرس مؤهلاتهم ويحلل قدراتهم ومهاراتهم لتنتقي منهم من يمكن الاستفادة منه بفتح باب الهجرة له على مصراعيه أما الباقون فليبقوا في الحظيرة وليقتاتوا الكفاف من صدقات المحسنين.
وهكذا تجد الأمة نفسها في موقف لا تحسد عليه فهي من ناحية تتعرض لحملة تفريغ منظم من العقول والقدرات المنتجة باستغلال مثل هذه الأوضاع الأمنية المتردية والافتقار إلى صدق النوايا وقوة الإرادة الجمعية، ومن ناحية أخرى تتعرض فئات منها للإذلال لتعميق الإحساس بالهزيمة وتورثه للأجيال القادمة.
لذلك أرجو أن يرتفع الجميع فوق كافة الحسابات العقائدية والأطياف الطائفية في التعامل مع هؤلاء اللاجئين ويهبوا لمساعدتهم بشكل عاجل لأنهم ليسوا ضحايا لاحتلال فلسطين فحسب، ولكنهم أيضا، وهذا هو الأشد، ضحايا للخلافات الفلسطينية والعربية التي انتهت بهم للجوء من بلد عربي إلى حدود بلد عربي آخر.
أما أنت يا أبي الشيخ الفلسطيني فقد ضربت مثلا للعالم أن الفلسطيني إنسان حي محتضر يرتفع فوق جراحه ومآسيه ليزرع نبتة أينما يحل حتى وإن كان في خيمة بائسة في صحراء مقفرة من منطلق إيماني عميق برسالة خير الأنبياء محمد صلى الله عليه وسلم الذي قال فيما معناه أنه لو كان بيد أحدكم نبتة ورأى القيامة تقوم واستطاع أن يغرسها فليغرسها لأن له في ذلك أجرا. إن من يزرع حديقة حول خيمة هو عصي بالتأكيد على الإبادة والتصفية وقادر بحول الله أن يزرع بذور التحرر وبناء الجيل القادر على استرجاع فلسطين. أما نحن فليتغمدنا الله برحمته. ويخجلني أن أقول لك ولكل من يشاركونك حياة البؤس في خيام لم تقيك قر الشتاء ولن تقيك رمضاء الصيف إنني مثل أي مواطن عربي آخر لا نملك غير قلوبنا وعواطفنا الصادقة تجاهكم، ولكن حسبنا الله ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله.[/align]


توقيع : هيام1
قطرة الماء تثقب الحجر ، لا بالعنف ولكن بدوام التنقيط.


زهرة الشرق

هيام1 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس