عرض مشاركة واحدة
قديم 17-02-09, 12:13 AM   #1
 
الصورة الرمزية حسين الحمداني

حسين الحمداني
هيئة دبلوماسية

رقم العضوية : 11600
تاريخ التسجيل : Sep 2008
عدد المشاركات : 5,641
عدد النقاط : 10

أوسمة العضو
لاتوجد أوسمة لـ حسين الحمداني
مشاركة دراسات ادبية شرقية-قصيدة النثر


قصيدة النثر‏..‏ إضافات وتعقيبات
أحمد عبدالمعطي حجازي - مصر

يبدو ان ما كتبته حول قصيده النثر كان تعبيرا عن راي عام‏,‏ او عن شعور عام بالقلق علي مستقبل الشعر والكتابه‏,‏ عامه‏,‏ وهذا القلق ليس مصدره التعصب بشكل شعري معين‏,‏ وانما مصدر الاحساس بوجود خطر يتهدد الشعر‏,‏ ويتمثل في تلك اللامبالاه الفنيه والاخلاقيه التي تهيمن علي الكتابات الجديده التي تنتمي للشعر اوتدعي الانتماء اليه‏,‏ هناك احساس بروح عبثيه عديده تسيطر علي هذه الكتابات‏,‏ وهذه الروح هي التي لفتت الكثيرين الي قراءه ما كاتبته ومناقشته والتعليق عليه‏.‏

ولقد تلقيت عشرات من التعليقات والتعقيبات اخترت منها ماتقراونه فيما يلي‏:‏
اكتب اليك هذه الكلمات بعد فراغي من قراءه سلسله مقالاتك قد افسد القول حتي احمد الصمم لاضم صوتي الي صوتك‏,‏ وادعو شعراء قصيده النثر الي وقفه مع الذات‏,‏ نزيهه وموضوعيه‏,‏ عسي ان نصل الي كلمه سواء‏.‏

لقد كنت من اكبر انصار قصيده النثر من حيث المبدا‏,‏ وقد كتبت علي صفحات الاهرام منذ سنوات قلائل ان المستقبل لقصيده النثر‏,‏ ولكني اجدني الان مضطرا الي مراجعه موقفي‏,‏ فلست اري لها مستقبلا يذكر‏,‏ وانما اري حاضرا بائسا وماضيا فيه درر قليله وخبث كثير‏.‏

فيما يلي مجموعه ملاحظات اطرحها كيفما اتفق‏,‏ تقريبا فليست هذه دراسه اكاديميه وانما هي خواطر اثارتها في مجموعه مقالاتك‏.‏
‏1)‏ الحق في التجريب كما قال لويس عوض في مقدمته لديوان بلوتولاند وكما تقول هنا حق اولي من حقوق الانسان‏,‏ طبيعي ومقدس ولايقبل التجزئه‏,‏ لكن التجربه‏,‏ تعريفا محاوله قد تصيب وقد تخطيء‏,‏ واحتمالات الخطا فيها اكثر كثيرا من احتمالات الصواب‏,‏ وشاعر قصيده النثر حاطب ليل‏,‏ يتلمس طريقه في غابه دروبها غير مطروقه ولامعبده‏,‏ فاحتمال ضلاله اكبر من احتمال ضلال من يسير في ظلال موروث السابقين‏.‏

‏2)‏ قصيده النثر في اعلي تجلياتها عند بودلير ورنبو ولافورج ولوتريامون‏,‏ وعند اوسكار وايلد واليوت لاتقل امتلاء بالصور ولاتفجرا بالايقاع الداخلي المتولد عن حركه الفكر‏,‏ والتوفيق بين النقائض وصراعها‏,‏ والمراوحه بين اطوال السطور‏,‏ والتكرار‏,‏ والوقفات وكسر التوقعات السمعيه‏,‏ والعلاقات بين السواكن وحروف اللين‏,‏ والمراوحه بين الخبر والانشاء‏,‏ عن الشعر الذي يراعي الوزن والقافيه‏.‏
ولكن اين نجد مثل هذه الفضائل التعويضيه في تلك الافرازات المريضه والتشكيلات الهلاميه التي يخرجها شعراء قصيده النثر وشواعره عندنا؟

‏3)‏ ليس اغلب ماينشر عندنا تحت مسمي قصيده النثر انظر مثلا الكثير من محتويات ادب ونقد و اخبار الادب نظما ردئيا فحسب‏,‏ وانما هو ايضا نثر رديء‏,‏ وطوبوغرافيه المطبوع منه علي شكل اسطر مستقله لاتستطيع ان تخفي الحقيقه الدميمه المتمثله في ان هذا الكلام مجرد رصف لالفاظ‏,‏ وسعي الي الغرابه والتفرد حيث لا عقل اصيل هناك ولاخيال مجنح ولاقدره علي التشكيل باللفظ مثلما يشكل المثال مادته من الصلصال او الخشب او الحجر او النحاس‏.‏

‏4)‏ الابداع الفني كما يقول اليوت في اشهر مقالاته‏(1919)‏ نقطه تقاطع بين الموروث والموهبه الفرديه‏,‏ وكثير من شعراء هذا الجنس الادبي الهجين لايحسنون قراءه بيتين من التراث الشعري العربي‏,‏ وموهبتهم الفرديه ان وجدت اساسا ناقصه النمو‏,‏ بل خديجه‏,‏ لانها لم ترتو من الاحتكاك بخبرات السابقين‏,‏ لهذا تخفق صورهم مهما بدت جرئيه غير مالوفه في ان ترسم افقا جديدا امام القاريء‏,‏ وتظل تراكيبهم النحويه اقرب الي الركاكه والخرق‏,‏ وتعوزها صنعه الفن الرهيفه التي لاتتاتي لشاعر الا بعد مران طويل واقتراب يعقبه ابتعاد عن اثار السابقين‏.‏

‏5)‏ لغه الشعر العربي كما تقول تعتمد علي الايقاع الذي يتحقق بالوزن قبل اي عنصر اخر هذا جزء من عبقريه اللغه وخصائصها الباطنه‏(‏ لينظر القاريء في هذا الصدد كتاب العقاد اللغه الشاعره علي مافيه من صرف في مواضع‏),‏ وغياب الوزن‏,‏ بعد غياب القافيه‏,‏ عن نماذج قصيده النثر يحرمها‏(‏ اولا‏)‏ من الحق في ان تعد شعرا‏(‏ وثانيا‏)‏ من ان ترسخ في ذاكره القاريء بفضل ايقاعها الموسيقي‏,‏ وانا افترض ان الشعر الحق يحفر ذاته في الذاكره‏,‏ كانما بمبضع من فولاذ‏,‏ح ولاينزلق من فوقها دون ان يترك اثرا كما تنزلق امواج البحر فوق صخره طحلبيه مخضله‏.‏
لادوار الخراط في تنظيره ان يزعم انه ليس للقصيده الحداثيه شكل مسبق مفروض سلفا ويدخل في ذلك‏,‏ بطبيعه الحال‏,‏ الاعاريض والبحور والتفعيلات مستقره الرسم واقول له‏:‏ هذا يصح فقط عندما تكون القصيده جديده حقيقه كبعض قصائد نثر انسي الحاج وغيره من الشعراء ذوي الموهبه الحقيقيه‏,‏ ولكنه لايصح علي قصائد العشرات من متوسطي الموهبه ممن لايملكون صوتا خاصا ولارويه خاصه ولا لغه خاصه‏.‏

‏6)‏ قصيده النثر كما قلت في كتابك احفاد شوقي‏(1992)‏ شعر ناقص وهي في احسن الاحوال نثر يطمح الي بلوغ وضع الشعر مثلما تطمح كل الفنون في راي شوبنهور وباتر الي وضع الموسيقي حيث لا انفصام بين الشكل والمحتوي‏.‏
قصيده النثر رافد صغير من روافد التيار الشعري‏,‏ ولكنها لايمكن ان تكون هي التيار الاساسي‏.‏

‏7)‏ سيبتهج قوم كثيرون من المحافظين لما قلته وما اقوله هنا‏,‏ ولكن فليعلموا ان اخفاق تجربه قصيده النثر في الاغلب الاعم لايعني نجاحا لمنظوماتهم العموديه الميته‏(‏ ثمه شعر عمودي حي لعبدالمنعم الانصاري وابي همام وقلائل اخرين‏)‏ وهي صور ناصله من اثار السابقين‏,‏ كلا النهجين سييء وكلاهما مفتقر الي شعله‏,‏ الاداع الحق‏,‏ لاول لانه يقطع جميع جسوره مع الموروث الذي يمده بدماء الحياه‏,‏ والثاني لانه لايعدو ان يكون نسخا او تناسخا‏,‏ مع حد ادني من التطوير‏,‏ لروي وتعابير كانت جديده في زمانها‏,‏ ولكنها الان اشبه بالرواسم‏(‏ الكلشيهات‏),‏ استعارات ميته‏,‏ هل ثمه ماهو اكثر مواتا من جريده الامس؟


ماهر شفيق فريد
استاذ مساعد الادب الانجليزي باداب القاهره



الشاعر الكبير‏:‏


حسين الحمداني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس