عرض مشاركة واحدة
قديم 10-01-09, 04:28 PM   #11
 
الصورة الرمزية okkamal

okkamal
المشرف العام

رقم العضوية : 2734
تاريخ التسجيل : Apr 2005
عدد المشاركات : 14,839
عدد النقاط : 203

أوسمة العضو
لاتوجد أوسمة لـ okkamal
رد: الدكتور مصطفى الفقى وهؤلاء


[align=center]«مارجريت تاتشر»

بقلم د. مصطفي الفقي ٤/ ٩/ ٢٠٠٨
في منتصف سبعينيات القرن العشرين أوفدتني السفارة المصرية في «لندن» إلي مدينةBlackpool لحضور المؤتمر السنوي لحزب المحافظين البريطاني، حيث اكتشفت أن الحديث في أروقة المؤتمر يدور حول وزيرة التعليم «مارجريت ثاتشر» المرشحة الأولي لكي تكون زعيمة الحزب،
ثم جاءوا بها من الصفوف الخلفية لتجلس ابنة «البقال» البريطاني في الصف الأول علي مقعد «ونستون تشرشل»، لقد جاءت ويسبقها تاريخ طويل من العمل الجاد في المجالين الحكومي والحزبي كما كانوا يطلقون عليها باللغة الإنجليزية «Thatcher the Snatcher» أي «ثاتشر الخطافة»،
وتلك كانت سخرية منها لإلغائها توزيع وجبة طعام وكوب لبن في بعض المدارس البريطانية لعدم جدواها بالنسبة لصغار التلاميذ في ذلك الوقت، لقد تركز اهتمامي يومها علي متابعة «آلية التصعيد» داخل ذلك الحزب العريق وكيف أن سيدة منه سوف تتقدم صفوفه للمرة الأولي في تاريخه،
وتلك هي الأحزاب الحقيقية راسخة البنيان محكمة التنظيم موضوعية التصعيد التي ترفع الكفاءات الشعبية بغض النظر عن أي اعتبار آخر وبعد ذلك بسنوات قليلة وصلت زعيمة حزب المحافظين إلي ١٠ Dawning Street، لتصبح «المرأة الحديدية»
أول رئيسة للوزراء في تاريخ المملكة المتحدة، وظللت أرقب بعد ذلك تلك السيدة القوية وهي تقلب الأوضاع داخل بريطانيا رأساً علي عقب وتنقذ اقتصاد بلادها من محنته ليصبح واحداً من أقوي الاقتصاديات الأوروبية علي الإطلاق، كما أنها نفذت برنامجاً حقيقياً للخصخصة نقلت به المؤسسات الفاشلة والهيئات الحكومية المتدهورة إلي عقلية القطاع الخاص في ظل إطار عام من المصلحة العليا للوطن ارتضته جميع الأطراف،
كما أن تلك المرأة الجسورة دخلت حرب «الفوكلاند» لانتزاع الجزيرة التي حاولت «الأرجنتين» استعادتها في ظل أوضاع الإمبراطورية البريطانية التي غربت عنها الشمس وأرسلت مسز «ثاتشر» قطع أسطولها البحري لتقوم بعمل عسكري علي بعد آلاف الأميال من أرض الوطن
وكان لها النصر الذي أرادته واستعادت بريطانيا الجزيرة ورفرف عليها علم التاج البريطاني من جديد وكان ذلك إيذاناً بدخول مسز «ثاتشر» إلي قائمة العظماء في التاريخ البريطاني الحديث حتي إن البعض يراها تالية مباشرة للداهية الكبير «ونستون تشرشل» بين عظماء بريطانيا في القرن العشرين كله وقد أقيم لها تمثال في ميدان البرلمان وهي لاتزال علي قيد الحياة في إجراء غير مسبوق في التراث السياسي البريطاني،
ولقد جمعتني بهذه السيدة العظيمة ظروف عملي في المؤسسة السيادية المصرية الأولي كسكرتير لجلسات لقاءاتها مع رئيس الدولة المصرية وبهرني فيها ذكاؤها الحاد، وحرصها علي الاستماع إلي نصائح الرئيس القادم من الشرق الأوسط وإبداء آرائها في عمق واضح تغلفه لغة الدبلوماسية البريطانية المعهودة،
ولقد كانت تبدي اهتماماً خاصاً بالقضية الفلسطينية وأبعادها المختلفة انطلاقاً من المسؤولية التاريخية التي تتحملها بريطانيا في إنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين كما أن تلك المرأة الحصيفة كانت توازن بدقة بين الارتباط التقليدي بالولايات المتحدة الأمريكية والانتماء الجغرافي والسياسي لأوروبا الحديثة،
وأذكر أنها أشادت في أحد اللقاءات بالدكتور «أسامه الباز» المستشار السياسي للرئيس المصري الذي كان قد أوفده إليها ليشرح لها بعض ملابسات تطور الأوضاع في الشرق الأوسط، ولقد تعددت لقاءات الرئيس «مبارك» برئيسة وزراء بريطانيا التي كانت تستمع إليه باهتمام في تقليد معروف اشترك معها فيه دائماً الرئيس الفرنسي «فرانسوا ميتران»،
ولن أنسي أبداً ذلك التحول الكبير الذي أحدثته «مارجريت ثاتشر» في العاصمة البريطانية عندما أحالت الأحياء الفقيرة المتهالكة إلي أرقي الأحياء التي يتهافت عليها الوافدون إلي «لندن» لشراء العقارات، خصوصاً من الأثرياء العرب الذين باعت لهم الوحدات السكنية بأغلي الأسعار في فترة الازدهار الشديد، ثم باعوها هم في فترة التراجع لكي يكون الفارق مردوداً تلقائياً للخزانة البريطانية!
ويكفي أن نتذكر كيف كانت أحياء مثل Ears Court وNotting Hill Gate وكيف أصبحت الآن لكي ندرك قدرة هذه السيدة البريطانية العظيمة علي جذب الاستثمارات لبلادها في موازنة دقيقة بين الأهداف السياسية والمطالب الاقتصادية..
ولعله من المحزن حقاً أن تلك السيدة الملقبة بـ «المرأة الحديدة»، والتي كانت معروفة بصرامة الموقف وحدة الرأي، والمواجهة المباشرة مع النظام الشيوعي في الاتحاد السوفيتي السابق، ومن كانوا يدورون في فلكه، من المحزن حقاً أن تلك السيدة التي كانت معروفة بوقارها الشديد وأناقتها التقليدية أصبحت لا تستطيع الحديث الآن،
وقد زالت السلطة ورحل رفيق الحياة وتقدم بها العمر، لقد قالوا لي في آخر زيارة للعاصمة البريطانية وأنا أتناول الغذاء في مطعم مجلس اللوردات إن ظهور مسز «ثاتشر» في المناسبات المهمة أصبح نادراً، ولم تعد تلك التي كانت خطيبة مفوهة قادرة علي مواصلة الحديث واستكمال العبارات!.. إنها دورة الزمن وفلسفة الوجود تجسدها سيدة دخلت سجل الخالدين في بريطانيا، ووقفت بين عظماء التاريخ في العالم المعاصر.


خالد مشعل

بقلم د. مصطفي الفقي ٢٨/ ٨/ ٢٠٠٨
في أمسية «دمشقية»، أثناء زيارتي هذا الأسبوع لسوريا، دعاني السيد «خالد مشعل»، رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» لعشاء خاص في منزله عندما علم بوجودي، حيث كنت أترأس إحدي جلسات ندوة مركز الدراسات الاستراتيجية بالأكاديمية العسكرية العليا في «دمشق»، وكنت قد ألقيت كلمة أمام الندوة أرد فيها علي بعض الأسئلة المستفزة حول الحدود المصرية مع إسرائيل، مسألة معبر «رفح»،
حيث قلت بالنص: (إن الكثير من المصريين ـ وأنا منهم ـ نشعر بالقلق للعلاقة الوثيقة والارتباط القوي بين جماعة «الإخوان المسلمين» في مصر وحركة «حماس» في غزة)، وأضفت إلي ذلك: (إنني لا أستريح إلي قيام «إمارة إسلامية» علي حدود مصر الشرقية تكون نافذة لقوي إقليمية أخري للوصول إلي حدودنا)،
وأشهد أن الضباط السوريين من حملة الرتب الرفيعة، يتقدمهم العماد وزير الدفاع والعماد رئيس الأركان، كانت لديهم السماحة وسعة الأفق ليستمعوا إلي آراء يختلفون معها، وتعود علاقتي بالسيد «خالد مشعل» لعدة سنوات منذ أول لقاء لنا في «طهران» عام ٢٠٠١،
حيث كنت مبعوثاً من مجلس الشعب المصري لحضور ندوة برلمانية دعمًا لانتفاضة الأقصي، ثم كان لقاؤنا الثاني في جنازة «أبوعمار» بالقاهرة بعد ذلك بسنوات قليلة، واستمر الاتصال الهاتفي بيننا في مناسبات مختلفة إذ إنني لا أخفي إعجابي بشخصيته المتوهجة، رغم اختلافنا في الرأي وتباين وجهات نظرنا، لذلك قبلت دعوته الكريمة علي العشاء في منزله المحاط بحراسة مُحكمة وسط العاصمة السورية،
ودعوت معي صديقي الدكتور «حسن أبوطالب»، الكاتب الصحفي بـ«الأهرام» الذي كان مشاركاً أيضاً في الندوة العسكرية بدمشق، خصوصًا أنني أعلم أنه يعرف السيد «خالد مشعل» من قبل والتقاه في مناسبات سابقة، وتفضل السفير المصري في سوريا فقبل دعوة العشاء معنا، خصوصًا أنه يتردد علي رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» من حين لآخر بحكم طبيعة عمله..
وبعد أن جلسنا في صالون المنزل وبانتهاء حفاوة الاستقبال، بدأ السيد «خالد مشعل» هو ورفاقه معاتبين لي عما بلغهم من حديثي صباح ذلك اليوم أمام الندوة، فأوضحت لهم أن هذه هي وجهة نظري المعروفة، فأكدوا أنهم حركة تحرير بالدرجة الأولي وأن علاقتهم بجماعة «الإخوان المسلمين» كانت علاقة تاريخية، وأنهم يتحاشون زيارة المرشد العام ومعاونيه أثناء زياراتهم القاهرة رفعًا للحرج عن الطرفين، وابتعادًا عن احتمالات التأويل، وقد ذكر السيد «خالد مشعل» أنه متابعٌ لما أكتب ولما أقول، وبدا موضوعيا في تقييمه، منصفاً في تحليله،
وقد تأثرت كثيراً وأنا أستمع منه إلي قصة الأيام التي قضاها في «غيبوبة الموت» بعد أن قام عميلان من «الموساد» بتوجيه غاز خلف إحدي أذنيه للقضاء عليه خلال ساعات قليلة أثناء تواجده في العاصمة الأردنية، وظل يذكر للعاهل الأردني الراحل «الحسين بن طلال» وقفته الشهيرة عندما أجري اتصالاً هاتفيا عاجلاً بالرئيس الأمريكي السابق «بيل كلينتون» وطلب منه إبلاغ إسرائيل بأنه ما لم يصل إلي مستشفي «الحسين» في عمان المصل المضاد الذي ينقذ حياة «خالد مشعل»،
فإن الملك الأردني سوف يغلق السفارة الإسرائيلية في «عمان»، ويقطع العلاقات مع الدولة العبرية، وقد يتراجع عن اتفاقية السلام معها أيضاً، وقد رضخت إسرائيل علي الفور وأرسلت المصل الذي أعاد نبض الحياة لذلك المناضل الفلسطيني، شديد المراس، صلب الإرادة، وقد تمني علينا السيد «خالد مشعل» أن تتدخل مصر بقوة للمصالحة بين «حماس» و«فتح»، وقال: (إنه لا يوجد إلا مصر وحدها هي القادرة علي ذلك)
وأشاد بالرعاية الدائمة للرئيس «مبارك»، والجهود المخلصة للوزير «عمر سليمان»، ولقد شعرت من حديثه أنه يتفهم ظروف «القاهرة» ويدرك حجم الأعباء الإقليمية والدولية الملقاة علي عاتقها وقد اعترف السيد «خالد مشعل» بأن «حماس» أخطأت في بعض المواقف،
وكانت لها تجاوزات غير مبررة علي الأرض، غير أنه أشار إلي الرفض الدائم من جانب الرئيس الشرعي للشعب الفلسطيني السيد «محمود عباس» لأي محاولة للتسوية مع حركة «حماس»، وقد نقلت له كلامًا طيبًا ذكره لي «أبومازن» من قبل عن رئيس المكتب السياسي وبعض عناصر حركة «حماس» ممن يظن بهم خيرًا،
وقد قلت للسيد «خالد مشعل» إن حركات التحرير عبر التاريخ الحديث كله واجهت محنة الانقسام ومأساة التشرذم، ولكن عقلاءها خرجوا بها من المأزق وواصلوا النضال متحدين في إطار توزيع للأدوار لم نبرع فيه نحن العرب حتي الآن،
ويجب أن أعترف هنا بأن الرجل كان مرنًا ومتفهماً وملماً بجميع الظروف، وقال في صراحة إن «إيران» تساعدهم مادياً وتحصد بذلك سياسياً لأن العرب لم يفعلوا ذلك، وأبدي ألمه من أن تكون الدولة الداعمة لحركته هي دولة غير عربية، وحدثته علي مائدة العشاء عن صلاة الجمعة التي أديتها في المسجد «الأموي»،
كيف رأيت بسطاء سوريا وهم يتوافدون بالآلاف علي صحن المسجد الكبير، وخطبة الجمعة الرائعة التي ألقاها الدكتور «محمد سعيد البوطي» الداعية السوري الشهير،
والتي ركز فيها علي رفضه الإرهاب وإدانته العمليات الانتحارية، وهو ما كان محل تقديرنا أنا وسفير مصر الذي سعدت برفقته لأداء الصلاة في الجامع الأموي. ذلك هو «خالد مشعل».. مناضل فلسطيني يعرف قدر مصر، ويتحدث عن فضل مصر، ويضع آماله أمانة في يد مصر، قائدة الحرب ورائدة السلام.[/align]


okkamal غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس