رد: الشهيد القائد صلاح شحادة
ويتساءل بكلمات قوية لماذا يقتل حي بكاملة من اجل رجل واحد ؟.
ويشير أكرم انه لو كان هناك رادع لليهود من العرب والمسلمين لما قدموا على هذه الجريمة النكراء وفي الغرفة المقابلة كان يقطن أخواه محمود ورامز مطر واللذان أصيبا أيضا بجروح مختلفة .والقصة تتكرر هي نفسها فهم لا يعلمون شيئا عما حدث للعائلة غير معلومات هم أصلا غير مقتنعين بها .
يقول رامز بينما أنا نائم فزعت على صوت عظيم فوجدت حائط الغرفة فوق جسدي وعندها أغمي علي وعندما سأله مراسلنا عن باقي أفراد عائلته قال كلهم بخير إلا بعض الإصابات بينهم .
ثمرة الشهادة بامكان كل انسان التلذذ بمنظرها او حتى تمنيها ولكن احدا لا يمكن ان يدعي القدرة على قطفها حتى ولو كان أدنى الناس منها تلك الكلمات تضعها قصة مروان زينو في مصاف الحقائق .
الليلة السوادء:
في تلك الليلة السوادء وساعة القصف كان مروان واضعا ركبتيه الى ركبتي رفيق دربه يوسف الشوا يتسامران فوق سطح منزله وضع مروان كأسين من الشاي على الطاولة التي كانت بجوارهما وفي وقت واحد تناولا قليلا من الشاي ثم اعادوا الكأسين الى موضعهما بدا مروان حديثه لصديقه التي كان يصغي له باهتمام عن وضعه المادي الصعب حيث انه بلا عمل منذ عامين لقد كان اللقاء هادئا جدا ويتخلله جو من الالفة والوفاق
ولكن ما كان لذلك اللقاء ليطول كثيرا فلقد حانت ساعة الفراق بين الصديقين وبين كأسي الشاي للابد . بصاروخ واحد كتب ليوسف الشوا لقاء ربه شهيدا ولمروان زينو الاقامة في المستشفى جريحا والادهى والامر ان البيت الذي يحوي ذكرياتهما ما عاد بيتا .
مروان يعاني الان من الام شديدة في جميع انحاء جسمه بعد اصابة جميع انحاء جسمه بشظايا الصاروخ يقول مروان ما حدث لا يمكن ان يتصوره عقل لقد كنت اتحدث مع صديقي عن المعاناة واذا بالمعاناة تزداد وتصبح مائة معاناة ومعاناه .
ويتابع مروان بكلمات تقطر الما عندما حدث القصف اختفيت عن الوجود وظننت ان القيامة قد قامت ولم اصحو على نفسي الا بعد يومين ويشير مروان الى انه يعاني من الام هائلة تجعله في حالة ثوران وتخبط .
ووسط الدموع الحارة يقول مروان مطأطأ رأسه لقد اصبح بيتي الذي عملت طوال 20 عاما لبناءه اكواما من الرمال وقليلا من الحجارة .
ويؤكد مروان بان لا حل الا بالعودة الى الله وتوجه برأسه الى سقف الغرفة التي كنا نجلس بها وردد" حسبي الله ونعم الوكيل حسبي الله ونعم الوكيل .
****************
شهود العيان يتذكرون ما حدث ليلة المجزرة السوداء
تقرير خاص:
جلس الشاب المكلوم رائد مطر بين جموع المعزين يمسك بصور زوجته و أطفاله يضمهم إلى صدره حينا ، و ينظر اليهم حينا أخرى ثم يلتفت الى الناس مذهولا يتساءل لماذا كل هؤلاء حول منزلنا ؟!!
مشهد رائد و بقايا الدمار و رائحة الموت لا زالت شاهدا على ما أحدثته الغارة الجوية الاسرائيلية مساء 22 تموز 2002 و صواريخ الاف 16 الحربية تغتال الانسان و الشجر و الحجر في حي الدرج المكتظ بالسكان في مدينة غزة .
الحاج محمد ابراهيم مطر 60 عاما تذكر ما حدث قبل عام وقال لنا : كنت نائما فقد اعطاني ولدي " رائد " الدواء وذهب لينام بين زوجته واطفاله ، واستيقظت على صوت مخيف وانفجار هز المنزل بالكامل ، فسقطت " الخزانة " على سريري وشعرت بالجدران تسقط من حولي وطارت ابنتي التي كانت نائمة الى جواري في الهواء وفي ثوان بسيطة كان المنزل يسقط من حولنا ، وبصعوبة كبيرة رفعت " الخزانة " عن ظهري بعدما سمعت صراخ ابني ابراهيم والذي حشر في غرفة اخرى بين عامود باطون والحائط فذهبت الى انقاذه وسمعت صراخ زوجتي التي كانت في المطبخ حيث سقط فوقها عامودان وعملا كمظلة فلم تصب وحاولت مساعدة ابنتي ( مها ) التي كانت في الصالة فقد سقط السقف عليها ولكن ايضا سقط بطريقة لم تصب بأذى فحاولت اخراجها فلم أستطع وخارت قواي.
واضاف الحاج محمد " ابو رائد " لم أكن أعلم ما الذي حدث فقد كنت أظنه زلزالا و عندما استيقظت في المستشفى ظننت ان الجميع بخير خاصة انهم نقلوني الى مستشفى العيون حيث فقدت عيني اليمنى وعندما خرجت صباح يوم الخميس فوجئت ان ابنتي ( آلاء ) كانت متوفاة و زوجة ابني رائد( ايمان ) وابنائه الثلاثة ( محمد وايمن وداليا ) وابنة ابني رامي ( ديانا ) وعلمت ان أبنائي رامي ورائد في المشفى في العناية المركزة ...
مها مطر وصفت لنا ماذا حدث قبل انهيار منزلهما " كنت أحفظ القرآن وكانت أمي في المطبخ أما أبي فكان نائما شاهدت شيئا يشبه البرق تبعه انفجار ضخم هز المنزل بالكامل فطرت في الهواء وسقط السقف والجدران وانقطع الكهرباء حاولت الحركة فلم أستطع حيث كان السقف قد انهار ولكن بشكل زاوية حادة فعمل كمعرش فوقي فسمعت صوت أبي ناديته كي ينقذني ولم أره فقال انه لا يرى شيئا ولكنه يحمل أختي آلاء وحينها نادته امي ايضا في المطبخ وقالت انها لا ترى شيئا علمنا ان الانفجار قذف أخي الى خارج الشقة مع أبنائه جميعا وقد توفي أبناؤه جميعهم وزوجته أما هو فمكث في العناية المركزة فقد ألقاه القصف الى منزل الجيران وكذلك ابنائه الذين عثر يوم الاربعاء فقط على جثثهم نظرا لشدة الانفجار وقالت انه لم تستطع الحركة الى ان جاء المسعفون والجيران ورجال الدفاع المدني فتمكنوا من اخراجها وأمها وأبيها ولكن أختها آلاء كانت قد فارقت الحياة مشيرة الى ان الشيء الوحيد الذي شاهدته كان رأس ابن اخيها " محمد " ما جعلها تصاب بصدمة كبيرة .
وأكدت مها مطر ان ما حدث جنون وقالت " سمعت كثيرا عن وحشية شارون والاحتلال ورأينا ما حدث في جنين على شاشات الفضائيات ولكن بشاعة هذا الانفجار غير مسبوقة ، كانت مجزرة بحق أناس نائمين في منازلهم ... من يريد معرفة معنى الارهاب ليحضر الى هنا ؟ .
المركز الفلسطيني لحقوق الانسان اعتبر ما حدث واحدة من أبشع جرائم القتل خارج نطاق القانون " الاغتيال السياسي"، التي تواصل قوات الاحتلال اقترافها بحق نشيطي الانتفاضة الميدانيين والقادة السياسيين، والمعلنة من قبل أعلى المستويات السياسية والعسكرية في إسرائيل.
و قال في تقرير له أن الغارة الجوية على مبنى سكنياً بسيطاً وسط حي مكتظ بالسكان في مدينة غزة أدى إلى استشهاد 14 مدنياً فلسطينياً، بينهم ثمانية أطفال، وإصابة أكثر من سبعين آخرين بجراح، معظمهم من الأطفال والنساء أيضاً. ومن بين الشهداء امرأتان وأطفالهما الخمسة، والشيخ صلاح مصطفى شحادة وزوجته وابنته ومرافقه ، و دعا الى ضرورة توفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني .
الطفل حمدي حسن حجازي 12 عاما يقطن المنزل المقابل تماما لمنزل الشيخ صلاح شحادة وصف لنا ايضا ما حدث قائلا : " كنت قد استلقيت على فراشي كي أنام وفجأة سمعت صوت انفجار ضخم وارتفعت عن السرير ووقعت على الارض فظننت اني أحلم فحاولت فتح عيني فلم أستطع فأخذت بالصراخ ثم شيئا فشيئا فتحت عيوني وكان هناك دماء على وجهي فقد أصبت بعدة شظايا وأخذت أنادي على أبي الذي أصيب ايضا في وجهه ويده وصار يجمع فينا ونزلنا معا على الدرج رغم العتمة والكهرباء التي انقطعت ولم نكن نعلم ما حدث فما ان نزلنا ورآنا الجيران حتى اخذونا بسيارة الى المستشفى وما ان سارت السيارة حتى شاهدنا منزلنا يسقط الجزء الامامي منه وحمدنا الله اننا غادرنا والا لسقطنا معه .
واصلنا المسير بين أنقاض المجزرة التي لو تكلمت بقايا البيوت لتحدثت عن تلك الليلة السوداء التي لم تترك أحدا في حاله فقد كان يوسف الشوا هاربا من شدة الحر يجلس على سطح جاره ابو أحمد يتسامران لكن فجأة وقع الانفجار وطار عمود باطون على يوسف فاستشهد على الفور أما أبو أحمد فقد قذفه الانفجار الى الشارع جريحا يعالج حاليا في العناية المركزة .
في بقايا بيت آخر جلست الحاجة آمنة الصعيدي التي استطاعت بصعوبة ان ترفع يدها اليمني كي تسلم علينا وكأنها جسد بلا روح حائرة تتلمس هذا البيت المنكوب فجميع أبنائها بأطفالهم ونسائهم يرقدون في المستشفي وشهيدهم الطفل لؤي الذي لم يكمل شهره الثاني بعد ، أما الجدة فلم تستطع الحديث معنا إلا أننا واسيناها وخرجنا ...
أما رامي مطر الذي رقد مدة طويلة في مستشفى الشفاء ليتلقى العلاج كان يتتم " الحمد لله .. زوجتي و أطفالي بخير " هو لا يدري أن طفلته تحلق بين طيور الجنة !!
مجزرة غزة اختلطت فيها أشلاء الأطفال مع أمهاتهم وآبائهم
تقرير خاص:
كان الموقف أقسى من ان تختطه الكلمات او تنقله الصور التلفزيونية او الفوتوغرافية ...كان أطفال حي قرقش نيام عندما وجهت طائرة أف 16 صواريخها تجاه فراشهم الأرضي الفقير أما الأحسن حظا منهم فقد تناثرت أشلائه من على ذلك السرير لتلتصق ببقايا الجدارن والأبواب ..
الحقني يا أبي:
يقول محمد الحويطي بصوت يئن ألما من على إحدى أسرة مستشفي الشفاء وهو أب لخمسة أطفال استشهد منهم طفلين وزوجته (سمعنا صوت انفجار قوي هز البيت أوقع سقفه ثم ما لبث حينها ان تغير الأمر الى ما يشبه الجحيم ..تغلب محمد على جروحه التي لم يتوقف نزف دمائها ليبحث عن طفلته تناديه من بين أنقاض البيت تستغيث ( الحقني يا أبي ) رفع محمد حجر صغير لكن ألمه الكبير حرمه من اتمام عملية رفع الحطام والاسمنت عن طفلته كان ما يزال باستطاعته المناداة ولو بصوت ضعيف ..مفزع .. ينادي من حوله ان يسرع لتلك الطفلة الوحيدة التي سمع لها صوتا من ابنائه الخمسة ...
اتجهنا للطابق السفلي في المستشفي حيث يرقد باقي أبناء محمد ، جميعهم رقدوا على سريرين تكاتف جروحهم ..آلامهم ..حزنهم على أمهم وإخوانهما صبحي 5سنوات ومحمد 4 سنوات ..
خميس 7 أعوام كانت هزة رأسه تجيبنا على أسئلتنا تلك الرأس الذي لم يبقي منه جزءا سليما ..نصفه متورم والنصف الآخر ملفوف بالشاش الطبي بينما جفت الدماء على وجهه من شدة حرارة الجو ..نطق خميس فقط برغبته للانتقام ..للأخذ بثأره أمه وإخوانه الاثنين ...وعبرت تقمصات وجهه عن شئ غريب عن أطفال العالم جميعهم الا أطفال فلسطين ..
ابنته ..اخته..ثلاث من ابناء اخيه وزوجة اخيه هم حصيله خلفتها اسرائيل شهداء لرامي مطر لكنها انعمت عليه باصابة خطيرة حالت دون تلقيه نبأ استشهادهم حتى الآن كما انها زادت من عطائها عندما حرمت أمه واخوانه رائد ورامز ومحمود ايضا من سماع نبأ استشهادهم هؤلاء الأفراد من عائلتهم .
تمكنا من رؤية رامي عن بعد وتحدثنا إلى احد أقارب العائلة المنكوبة الذي قال انه يعتصر ألما كلما نظر لأفراد عائلة خالته ، تسأل كيف سيخبر بنبأ استشهاد دينا 6سنوات آلاء صاحبة الأربعة شهور وأبناء رائد الثلاثة أكبرهما أربعة سنوات وأصغرها أربعة من الشهور رافقتهم أمهم المثوى الآمن الذي سيمنعهم على الأقل من سماع بيانات الشجب والاستنكار .
زرنا حي قرقش لو تكلمت بقايا البيوت لتحدثت عن تلك الليلة السوداء ، يوسف الشوا رجل في بداية الأربعينات من العمر جلس على سطح منزل جارة ابو احمد هاربين من حر الجو تلاصقت مقاعد الجارين لكن احدهم بقي مكانه وسقط علية عمود إسمنتي فاستشهد على الفور أما أبو احمد فقد طرحته قوة الضربة الى الشارع جريحا .
يوسف الشوا استشهد وترك وراءه 12 فرد في بيت اصابه نصيب زاخر من الدماء والحزن والقهر ، وزوجته ان ابدت استغرابها من قصف تلك المنطقة السكنية المليئة بالاطفال والنسوة والشيوخ فلم تخف يقينها من ان همجية الاحتلال قد تصيب الجنين في رحم امه.
في بقايا بيتا اخر وجدنا الحاجة آمنة الصعيدي استطاعت بصعوبة ان ترفع يدها اليمني كي تسلم علينا وكأنها جسد لا يتحرك فيه سوي نظرات العينان حائرة تتلمس هذا البيت المنكوب لآمنه زوجها ..جميع أبنائها باطفالهم ونسائهم ..يرقدون في مستشفي الشفاء ..
استشهد حفيدها لؤي بشهره الواحد من العمر الذي هدد أمن اسرائيل فرأت الانتقام منه في تلك الليلة القاسية ..
استطعنا بصعوبة الوصول لبقايا الطوابق العلوية كانت بعضا من ملامح أثاث البيت ظاهرة قليلا لكن اجسام العصافير الملونة هامدة متناثرة في كل مكان تباعد عنها بيضها
توقيع : حــــر
بكيت وهل بكــاء القلب يجدي فراق أحبـــتي وحنيـــــن وجدي
فما معنى الحيـــاة إذا افترقنـا وهل يجدي النحيب فلست ادري
فلا التذكار يرحمني فأنســى ولا الاشواق تتركنــي لنــومــي
فراق أحبتي كم هــز وجدي وحتى لقائهم سأضــــل أبكــــي
أبي وأمي .. رحمكم الله وجعل مثواكم الجنان .. اللهم ءامين
زهرة الشرق
|