عرض مشاركة واحدة
قديم 30-04-06, 05:53 PM   #1

عايدة
خطوات واثقة

رقم العضوية : 4356
تاريخ التسجيل : Mar 2006
عدد المشاركات : 101
عدد النقاط : 10

أوسمة العضو
لاتوجد أوسمة لـ عايدة
حبيبة محلها القلب



محلهاالقلب.. لأنها الحبيبة. والأحبّة لا يرحّلون إلى الذاكرة.

ولأنني لا أدرك على وجه التحديد مدى انغراسها في أنسجتي، وانطعاني بآدميتها لا أتخيلها تخرج مني،حتى وإن غادرت الدنيا من بابها الخلفي.

أكذب إن زعمت أني أعرف أين كانت مني وكم التبست بي حتى صرتها وصارتني.

أحاول أن اصدق، وأتوهم ربما، أنها انتقلت إلى " هناك " وتركتني أتلظى بلوعة فقدها " هنا ".

وبالتأكيد، سأحتاج لوقت طويل لأضبط مواقيتي على دقات أخرى لا تشبه أنينها ولهاثها.

ستتهي الأيام لتطمر صدى الذكريات، أعرف هذا، فالزمن جراح عظيم، ولكن ذلك لن يكون أكثر من ضباب رخيم، يمكن أن يندمل بمجرد أن أنفرد بنفسي.

عندي يقين شعوري بهذا، فبعدأربعين يوما حزينة وبطيئة بدونها، لم أجرؤ على تحريك قنينة عطر عن موضعها، ولاالعبث بفرشاة أسنان منسية في غفلتها، ولا النظر خلسة لقميص خاوٍ منها، حتى التدحرج على الجانب الآخر من سرير ضمنا أعانده لئلا أرتطم بفراغ سادي يلوح لي بغيابها.

الحياة الآن تتكثّف، وشعوري يتحشد بشكل ممض، حين استعد - على غيرإرادة مني - سيرة أول دمعة تدحرجت حتى صارت بحيرة أوجاع. لا أستطيع أن أعي تلويحـاتهاالأخيرة، وإغماضتها يوم الجمعة الخامس والعشرون من نوفمبر إلا بالارتماء في مطلع الألفية الثالثة.

يومها كان الناس يحتفلون بالقرن الجديد وكنت أحاول إقناعها بأن ما تعانيه مجرد عارض بسيط.من عوارض الحمل،في شهره الأخير

يومها خرجنا وهي تحدثني عن وجبة غذاءسنتناولها معاً بمجرد عودتنا من المستشفى. أصرت على حمل حقيبة عملها لكي تكمل يومها في مكتبها

لم تكن تعلم أنها لن تعود إلى البيت، وأن الحقيبة المعبأة بأحلام المظلومين ستتوئمها بحقيبة أخرى من أجل إقامةفي العيادة تحت المراقبة الطبية. وسنبدأ معاً رحلة وعرة من الأحزان والآلام نؤرخ فيهاحياتنا بمواعيد الوضع التي تنهي الآلام وتعيد الحبيبة بمولودتها سليمة معافية بهدية العمر إلى حبيبها.

منذ تلك اللحظة صار " السرير الأبيض " هو المكان الذي نتواعد فيه، ولم تعد غرفة نومنا أكثر من محطةاسترخاء لجسدي المنهوك،وفكري القلق على توءم الروح .

مرّة هي الحياة ... ومتوحشة عندما تتأمل من تحب أمامك يتوسل بعينيه،يبلغك رسائله. أحببت بعض هذا الألم لأنه أتاح لنا فرصة التعرف على بعضنا منجديد، وأثبت أنه الوقود الحقيقي للمشاعر الإنسانية. حينها عرفت أن " الحب " يحتاج إلى الكثير من الأوجاع ليرتوي، وأن معنى الحياة الأعمق لا يتولد إلا على حافةالعذاب.

وجاءت اللحظة الحاسمة .
خرجت الممرضة تسبقها بسمة عريضة وبكلمات كأنها زغردات الوجود قالت:،بنوتة قمر

مابين اخبار الأهل هاتفيا وخروج الطبيب الجراح كان القدر قد غير رأيه،فاضت روح الحبيبة.
هكذا تجرع قلبي قبل بصري قراءة تقارير طبية ترتعد منها الفرائص. تقارير تفصيلية متوحشة تحدثني بتجريد بارد عن أسباب الوفاة ،وأن داخل الجسد الذي جاسدته كان ورم خبيث يتعايش مع الحبيبة،يشاركني رواءها وفتنتها وجسدا طالما ذاب بين أحضاني متعة وسخاء...

مرّة هي الأيام .. ومرعبة، حين تساكن كائنا ميتا يتوجسه الموت في كل الأوقات ويترقبه من كل الزوايا،ولا أحد يعلم أو يستشعر الأمر.

لم تشك يوما من ألم ،حتى أنها لم تتوقف يوما عن موعد ساعات الرياضة إلا في سفر حيث كانت تعوضها بالمشي ،

- عاشقة مشي أنت

- اريد أن أملأ النفس والعين بطريق تمر بها

هكذا كانت ترد ،فما تذوقت يوما من كلماتها غير جمال اللفظ والمعنى

أربع سنوات مرت عشتها حاضنا لهدية قطفت لها اسما كانت الحبيبة تعشقه ،- عايدة – ولعايدة في حياتنا لقاء طفولي في لحظة براءة




توقيع : عايدة
خلقت حرا فقيدني وجودي

عايدة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس