[ALIGN=CENTER] ( أفلاطون ) [/ALIGN]


إنه الفيلسوف الإغريقي أفلاطون بداية فلسفة الغرب السياسية .
وكذلك بداية الفكر الأخلاقي والإلهي . وقد درس العالم كله أفكار هذا الرجل أكثر من 2300 سنة.. وهو لذلك يعتبر أعظم آباء الفكر الغربي كله .
ولد من أسرة غنية في مدينة أثينا ، وهو شاب صغير عرف الفيلسوف سقراط وظل صديقا له ومتحدثا باسمه . وفي سنة 399 ق.م وكان سقراط في السبعين من عمره ، حوكم بتهمة إفساد عقول الشباب وأعدم . وترك هذا الإعدام أثرا سيئا في نفس أفلاطون الذي احتقر الحكم الديمقراطي حتى الموت . فقد أعدمت الديمقراطية رجلا وصفه أفلاطون (بأنه أحكم الناس وأعدلهم وأعظمهم جميعا ) . وترك أفلاطون مدينة أثينا بعد ذلك . وأمضى عشرا أو اثنتي عشرة سنة في الخارج وحتى 387ق.م عاد أفلاطون إلى أثينا وأسس مدرسة هناك وأسماها الأكاديمية وظلت هذه الأكاديمية تؤدي عملها أكثر من تسعة قرون ..وكان من أشهر تلامذته فيلسوف عظيم هو أرسطو فقد جاء إلى الأكاديمية وهو في السابعة عشر من عمره وكان أفلاطون في الستين من عمره وتوفي أفلاطون سنة 347 في الثمانين من عمره .
وألف أفلاطون 36 كتابا أكثرها عن السياسة والأخلاق وكذلك عن أمور ما بعد الطبيعة وعن الإلهيات .
ومن أهم كتبه السياسية : كتاب ( الجمهورية ) ففي هذا الكتاب يعرض أفلاطون المجتمع المثالي الذي يحلم به .
ويرى أفلاطون أن احسن الحكومات هي المجتمع الأرستقراطي . وهو لا يعني بذلك أن يحكمنا الأرستقراطيون أو الملوك الذين يتوارثون العرش .
إنما يقصد الاستقراطية الفكرية أي حكم يتولاه أحسن الناس وأحكم الناس .
وهؤلاء الناس يتم اختيارهم لا عن طريق الانتخابات أو الاستفتاء . وإنما عن طريق الاختيار المتبادل للحكماء أنفسهم وهؤلاء الناس المختارون وهم حراس الدولة يجب أن يختاروا آخرين إلى مصاف الحكومة ويكون الاختيار على أساس القيمة الحقة للإنسان .
ويرى أن الرجال والنساء يجب إعطاؤهم فرصا متكافئة في إدارة شئون الدولة .. وأفلاطون هو أول فيلسوف يقرر المساواة للرجل والمرأة .
ولكي تكون الفرص واحدة أمام الجميع رأى أن تتولى الدولة تربية الأطفال . وهؤلاء الأطفال يجب أن يتلقوا تعليما رياضيا وبدنيا ولا يصح تجاهل الموسيقى والرياضيات أيضا . ويجب إجراء الامتحانات في كل مرحلة من مراحل نمو الأطفال . والطلبة الفاشلون يجب تحويلهم إلى دراسة الاقتصاد . أما الطلبة الناجحون فالدولة تمضي في تعليمهم كأن يتعلموا إلى جانب الدروس العادية موضوعات الفلسفة .
وفي سن الخامسة والثلاثين وبعد أن يثبت هؤلاء الطلبة كفاءتهم العظيمة فإننا يجب أن نعلمهم 15 سنة أخرى فن الإدارة العملية لشئون الدولة . والناجحون فقط هم الذين يحق لهم أن يقوموا بوظيفة حراس الدولة .
وحارس المدينة يجب ألا يكون غنيا ولا يسمح له إلا بقدر قليل من إمتلاك الأشياء والأموال ويتقاضى مرتب محدودا ضئيلا ولا يحق له أن يملك شيئا مصنوع من الذهب أو الفضة .ولا تكون له حياة خاصة . وإنما كل حراس المدينة يعيشوا معا ويأكلوا ويشربوا معا .
هؤلاء هم الملوك الفلاسفة . أي العقلاء الذين يتفرغون تماما لحكم الدولة وإدارة شئونها .
فإن حدث ذلك فهذه هي الجمهورية الفاضلة أو الدولة المثالية .
وظل هذا الكتاب في أيدي الناس يقرأونه ويتأملونه 23 قرنا وعلى الرغم من تنوع أشكال الحكم منذ أيام أفلاطون حتى اليوم فإن أحدا لم يتبع سياسة هذه الدولة المثالية التي كان يحلم بها أفلاطون . فهل يمكن أن يقال إن هذه الأفكار التي تنظر إليها باحترام قد تجاهلها المفكرون والساسة في كل العصور ؟ لا أظن ذلك .
ولكن من العدل أن يقال إن بعض الحكومات الأوروبية كانت صورة متواضعة من حكومة أفلاطون . فهناك تشابه بين وضع الكنيسة الكاثوليكية في العصور الوسطى وبين الطبقة الحارسة في جمهورية أفلاطون . وكذلك دور الحزب الشيوعي في الاتحاد السوفيتي . وهناك تشابه كبير بين واضعي الدستور الأمريكي وحكماء أفلاطون .
إن أفلاطون قد جاء ترتيبه أعلى من مفكرين آخرين مثل جون لوك الإنجليزي وتوماس جفرسون الأمريكي وفولتير الفرنسي وسبب ذلك أن أفكار هؤلاء أثرت على الفكر الأوروبي قرابة قرنين أو ثلاثة بينما أفلاطون أثرت أفكاره على الحضارة الغربية كلها ثلاثة وعشرين قرنا !.
نقل من كتاب الخالدون مائة .
وشكرا .

الياقوتة
[ALIGN=CENTER][/ALIGN]