شكرا للآخت حورية والآخ حبى الكويت على الرد والتشجيع والمعذرة.
لن استطيع كتبتها كاملة مرة واحدة لآنها طويلة جدا.
{جحا والتجار الثلاثة}
وفيما كان جحا يناقش التاجر كان يراقبه باهتمام ثلاثة رجال تبدو عليهم معالم الشراسة. كان الرجال يتسكعون حول فاكهاني قريب يأكلون العنب ويتفلون بذوره- أحدهم طويل نحيل بارز عظام الوجه تتدلى عليه ثيابه كالغسيل الرطب, وثانيهم بدين غليظ الشاربين, والثالث قليل نزق ما انفكت عيناه ترقبان السوق ببريق حاد.
وكان النحيل منهم يمسك بيده حبلا ربطت في نهايته ماعزة هرمة عجفاء بادية عظامها تحت
اهابها الآبقع, فلكأنها مثال البؤس والتعاسة وسوء المزاج:
وبينما كان جحا قائما يملس ذقنه ويتفحص المعزاة الممتازة التي عرضها عليه التاجر الآمين,
سمع صفير الرجل النزق: بست, بست: محاولا اجتلاب انتباهه.
فتلفت جحا نحو الرجال الثلاثة الذين ابتسموا له بغاية الاستلطاف, ولوحوا له أن يتقدم وينضم
اليهم.وبادر النزق منهم جحا هامسا: عليك أن تتوخى الحذر في ما تشتري.تلك المعز هناك
تبدو جيدة في الظاهر فقط.الماعزة لا يحكم عليها بمظهرها.
وتدخل البدين من الرجال مكملا: ثم انها غالية الثمن, مسمنة على الحبوب للسوق, واطعامها
باهز التكلفة.
وأضاف النحيل قائلا: وهي شحيحة اللبن, بل وينقطع لبنها في بضعة أيام. انها لا تصلح
الإ للطبخ. وبصوت واحد انضم ثلاثتهم يقولون بحماس ظاهر: هذا لا يجوز. انه الغش بعينه.انها
جريمة: وبعد هدأة استهجانهم ذاك, أضاف نزقهم,دالا على ماعزتهم باشارة رشيقة من يده,
قائلا: نحن نعرف مبتغاك,فليس لك خير من هذه الماعزة. وتدخل النحيل مقاطعا, حين توقفت
الماعزة الهزيلة عن مضغ سويقات من القش وراحت تحدق حواليها بأسى, ليقول: انها لا تبدو
رائعة كما ينبغي, لكن ليس من الحكمة الحكم على الآمور بظواهرها.
وهنا انضم البدين الى الحديث متابعا: ان كنت تبتغي من المعز اللبن, فهذه ماعزتك, ولا غير.
وعاد النزق يكمل حديثه قائلا: ان ما نقوله ثلاثتنا لا نتوخى منه سوى مصلحتك.فنحن نشعر
معك, لآنا مثلك من غير أهل الثراء, ويعز علينا أن نراك تهدر دراهمك.
وأملوا ثلاثتهم الكلام قائلين: هذه الماعزة لقطة, فلسنا نحقق في مبيعها لك أي ربح. فلكأنا
في واقع الآمر نعطيكها تقدمة.
وهكذا نجح المخاتلون الثلاثة في بيع ماعزتهم العجفاء الى جحا, وعاد بها هذا الى منزله.
يتبع
:pcring:
|