عرض مشاركة واحدة
قديم 04-12-04, 12:46 AM   #3

الحوراء
العضوية البرونزية

رقم العضوية : 863
تاريخ التسجيل : Apr 2003
عدد المشاركات : 414
عدد النقاط : 10

أوسمة العضو
لاتوجد أوسمة لـ الحوراء

الصفحة 6
--------------------------------------------------------------------------------

في المنع والتحذير بلغ الغاية وإن الأعذار قد انقطعت.

وما كان ذلك التأويل من الخليفة وطلب البيان بعد البيان، وعدم الانتهاء قبل الزجر والوعيد إلا لحبه لها وكونه أشرب الناس في الجاهلية كما ينم عنه قوله فيما أخرجه ابن هشام في سيرته 1 ص 368: كنت للاسلام مباعدا، وكنت صاحب خمر في الجاهلية أحبها وأشربها وكان لنا مجلس يجتمع فيه رجال من قريش بالحزورة (1) عند دور عمر بن عبد بن عمران المخزومي فخرجت ليلة أريد جلسائي أولئك في مجلسهم ذلك فجئتهم فلم أجد فيه منهم أحدا فقلت: لو أني جئت فلانا الخمار وكان بمكة يبيع الخمر لعلي أجد عنده خمرا فأشرب منها. الحديث.

وفيما أخرجه البيهقي في السنن الكبرى 10 ص 214 عن عبد الله بن عمر من قول والده في أيام خلافته: إني كنت لأشرب الناس لها في الجاهلية وانها ليست كالزنا (2).

ومن هنا خص الخليفة بالدعوة وقراءة النبي الأعظم عليه الآيات النازلة في الخمر وكان ممن يأولها ولم ينتهي عنها إلى أن نزل الزجر والوعيد بآية المائدة وهي آخر سورة نزلت من القرآن (3) ومنها ما نزل في حجة الوداع (4) وفي الدر المنثور 2 ص 252 عن محمد بن كعب القرظي أنه قال: نزلت سورة المائدة على رسول الله في حجة الوداع فيما بين مكة والمدينة وهو على ناقته. ويروى: إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قرأ سورة المائدة في حجة الوداع وقال: يا أيها الناس إن سورة المائدة آخر ما نزل فأحلوا حلالها وحرموا حرامها (تفسير القرطبي 6 ص 31).

وبعد هذه كلها لم يكن الخليفة يعلم أن شرب الخمر من أعظم الكبائر كما تعرب عنه صحيحة الحاكم عن سالم بن عبد الله قال: إن أبا بكر وعمر وناسا جلسوا بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم فذكروا أعظم الكبائر فلم يكن عندهم فيها علم فارسلوني إلى عبد الله بن

____________

(1) الحزورة: كانت سوقا من أسواق مكة وهي الآن جزء المسجد.

(2) وراجع سيرة عمر لابن الجوزي ص 98، كنز العمال 3 ص 107، منتخب الكنز بهامش مسند أحمد 2 ص 428، الخلفاء الراشدون لعبد الوهاب النجار ص 238.

(3) مستدرك الحاكم 2 ص 311، جامع الترمذي 2 ص 178، الدر المنثور 2 ص 252، نقلا عن أحمد، والترمذي، والحاكم، وابن مردويه، والبيهقي، وسعيد بن منصور، وابن المنذري.

(4) تفسير القرطبي 6 ص 30، وإرشاد الساري 7 ص 95.
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 7
--------------------------------------------------------------------------------

عمر وأسأله فأخبرني إن أعظم الكبائر شرب الخمر فأتيتهم فأخبرتهم فأنكروا ذلك ووثبوا جميعا حتى أتوه في داره فأخبرهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن ملكا من ملكوك بني إسرائيل أخذ رجلا فخيره بين أن يشرب الخمر أو يقتل نفسا أو يزني أو يأكل لحم خنزير أو يقتلوه فاختار الخمر وإنه لما شربه لم يمتنع من شيئ أراده منه.

مستدرك الحاكم 4 ص 147، الترغيب والترهيب 3 ص 105، الدر المنثور 2 ص 323.

ولاعتياده بها منذ مدة غير قصيرة إلى نزول آية المائدة في حجة الوداع طفق يشرب النبيذ الشديد بعد نزول ذلك الوعيد، وبعد قوله: انتهينا انتهينا. وكان يقول:

إنا نشرب هذا الشراب الشديد لنقطع به لحوم الإبل في بطوننا أن تؤذينا فمن رابه من شرابه شئ فليمزجه بالماء (1).

وقال: إني رجل معجار البطن أو مسعار البطن وأشرب هذا النبيذ الشديد فيسهل بطني. أخرجه ابن أبي شيبة كما في كنز العمال 3 ص 109.

وقال: لا يقطع لحوم هذه الإبل في بطوننا إلا النبيذ الشديد.


(جامع مسانيد أبي حنيفة 2 ص 190، 215)

م - وكان يشرب النبيذ الشديد إلى آخر نفس لفظه قال عمرو بن ميمون: شهدت عمر حين طعن أتي بنبيذ شديد فشربه. طب 6 ص 156).

وكان حدة شرابه وشدته بحيث لو شرب غيره منه لسكر وكان يقيم عليه الحد غير أن الخليفة كان لم يتأثر منه لاعتياده أو كان يكسره ويشربه قال الشعبي:

شرب أعرابي من أداوة عمر فأغشي فحده عمر: ثم قال: وإنما: حده للسكر لا للشرب

(العقد الفريد 3 ص 416)

وفي لفظ الجصاص في أحكام القرآن 2 ص 565: إن أعرابيا شرب من شراب عمر فجلده عمر الحد فقال الأعرابي: إنما شربت من شرابك. فدعا عمر شرابه فكسره بالماء ثم شرب منه وقال: من رابه شرابه شئ فليكسره بالماء ثم قال الجصاص: ورواه إبراهيم النخعي عن عمر نحوه وقال فيه: إنه شرب منه بعد ما ضرب الأعرابي.


____________

(1) السنن الكبرى 8 ص 299، محاضرات الراغب 1 ص 319، كنز العمال 2 ص 109 نقلا عن ابن أبي شيبة.
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 8
--------------------------------------------------------------------------------

وفي جامع مسانيد أبي حنيفة 2 ص 192 قال: هكذا فاكسروه بالماء إذا غلبكم شيطانه. وكان يحب الشراب الشديد.

وعن ابن جريج: إن رجلا عب في شراب نبذ لعمر بن الخطاب بطريق المدينة فسكر فتركه عمر حتى أفاق فحده ثم أوجعه عمر بالماء فشرب منه (1).

وعن أبي رافع: إن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: إذا خشيتم من نبيذ شدته فاكسروه بالماء. أخرجه النسائي في سننه 8 ص 326 وعده مما احتج به من أباح شرب المسكر.

م - وأخرج القاضي أبو يوسف في كتاب الآثار 226 من طريق أبي حنيفة عن إبراهيم أبي عمران الكوفي التابعي قال: إن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أخذ رجلا سكرانا فأراد أن يجعل له مخرجا فأبى إلا ذهاب عقل، فقال: احبسوه فإذا صحا (2) فاضربوه ثم أخذ فضل إداوته فذاقه فقال: اوه هذا عمل بالرجال العمل ثم صب فيه ماء فكسره فشرب وسقى أصحابه وقال: هكذا اصنعوا بشرابكم إذا غلبكم شيطانه).

ومن العجيب حد من شرب من أداوة عمر فسكر لأنه إن كان لا يعلم أن ما في الأداوة مسكر وشرب فلا حد عليه كما أخرجه أبو عمر في " العلم " 2 ص 86 ومر ص 174 عن الخليفة نفسه من قوله: ما الحد إلا من علمه. وإن كان ذلك فإن له في شرابه إسوتا بالخليفة، والفرق بينهما بأنه أسكره ولم يكن يسكر الخليفة لاعتياده به تافه، فكأن المدار عند الخليفة في حلية الأشربة والحد عليها على الاسكار وعدمه بالاضافة إلى شخص كل شارب وينبأ عنه قوله: الخمر ما خامر العقل (3) والحد و الحرمة مطلقان لكل مسكر وإن قورنت صفة الاسكار بمانع من خصوصيات الأمزجة أو لقلة في الشرب فالصفة صلتها بالمشروب فحسب لا الشارب ويدل على ذلك أحاديث جمة صحيحة تدل على أن القليل الذي لا يسكر مما يسكر كثيرة حرام مثل قوله صلى الله عليه وآله وسلم : أنهاكم عن قليل ما أسكر كثيره.

أخرجه الدارمي في سننه 2 ص 113، والنسائي في سننه 8 ص 301، والبيهقي


الحوراء غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس