عرض مشاركة واحدة
قديم 02-03-04, 05:22 PM   #1
 
الصورة الرمزية حياة

حياة
المراقبة العامة

رقم العضوية : 540
تاريخ التسجيل : Dec 2002
عدد المشاركات : 16,580
عدد النقاط : 10

أوسمة العضو
لاتوجد أوسمة لـ حياة
قصة رشيد غانم مع الجدار الفاصل






في كل يوم يقوم المواطن الفلسطيني رشيد غانم من بلدة دير الغصون شمال طولكرم، والذي كان في يوم من الأيام مزارعا، بالوقوف مقابل أرضه التي كانت تشكل مصدر الرزق الوحيد له ولعائلته المكونة من 13 نفرا، من بينهم طفلان معاقان بسبب الشلل الدماغي ومكفوفان، وتتطلب رعايتهما برنامج غذاء خاصا عن طريق الأنابيب، كما يعيل أيتاما من مخيم للاجئين الفلسطينيين في سوريا، هم أولاد شقيقته المقيمة هناك.

وكان غانم يفلح كروم اللوز والزيتون ليعيل أطفاله وأطفال شقيقته إلى أن قرر الاحتلال الاستيلاء على أرضه وتدمير كرومه وحرمانه من مصدر معيشته الوحيد.

ويروي غانم والدموع تجري من عينيه كالأنهار لتروي الأرض العطشى التي طالما رواها أجداده وآباؤه بعرقهم لمراسل "قدس برس" قصته المروعة التي يقول إنها أضحكتني من البكاء فاضطررت للضحك من حولها.

وأضاف غانم يروي قصته مع قوات الاحتلال والجدار الفاصل "في الشهر التاسع من سنة 2002 استيقظت مبكرا كالعادة وكلي حيوية ونشاطا، متمتعا بأصوات العصافير وتغريدها الجميل، متجها إلى بستاني الواسع المدلل والوحيد لي كمصدر رزق لعائلة بسيطة مكونة من 13 نفرا منهم اثنان معاقان بالشلل الدماغي والعمى بنسبة 100 في المائة، حسب التقارير الطبية الموجودة معي، والدوائر الحكومية تشهد ذلك.

ذهبتُ للحقل لأعمل فيه أعمالا مختلفة في كرم اللوز المبكر الغالي الثمن لإزالة الأعشاب اليابسة. وبينما كنت جالسا تحت شجرة الزيتون الرومية في البستان احتسي كوبا من الشاي المغلي على الحطب، وإذا بأصوات غريبة حولي تتكلم باللغة العبرية، فأسرعت نحوهم وإذا بمجموعة من الفرق الهندسية معهم مجموعة من الجيش الإسرائيلي يضعون الإشارات الحمراء حول الأرض، فقلت لهم هذه أرضي، ماذا تفعلون بها؟ فقالوا لي إنها ليست أرضك، إنها أرض إسرائيل نفعل بها ما نشاء. وبينما نحن في الشجار وإذا بفرقة أخرى معهم مناشير كهربائية أخذوا يقطعون الأشجار بدون رحمة وبلا أخلاق. فقلت لهم اتقوا الله. فقالوا لي بالعبرية: اذهب من هنا وإلا نقتلك. فقلت: حسبي الله ونعم الوكيل. وبعد لحظات وإذا بالجرافات الكبيرة تصل إلى الأرض وأخذت تقلع الأشجار المثمرة من الزيتون الأصيل واللوز المبكر غالي الثمن والفواكه المختلفة، وتسوي أنابيب المياه الكبيرة بالأرض وتغير معالم البستان.

فقلت لهم خافوا الله، إنه بستان ثمين يدر علينا أموالا وتعيش منه أسر كثيرة العدد ويتامى يعيشون في المخيمات الفلسطينية في حلب هم أولاد شقيقاتي، ويعيش منه أولادي المعاقين بالشلل الدماغي: وسيم البالغ عشر سنين ويحيى البالغ خمس سنين، ومصابون بالشلل الدماغي التام بنسبة 100 في المائة إضافة للعمى، ولهما نظام غذائي خاص، ولا يتناولون الطعام إلا عن طريق الخلاط الكهربائي بالإضافة إلى الحفاظات، ويكلفونني حوالي 1700 شيكل شهريا لوحدهم، وبقية الأسرة كذلك. أخبرتهم لعلهم يتقوا الله في هذا العمل الشنيع ولكن لا حياة لمن تنادي. فذهبت إلى المنزل مسرعا لكي أحضر الأولاد المرضى وأضعهم أمام الآليات وأمام الجيش، فأخذت أمهم تصرخ في القرية بأعلى صوتها، فهرع الناس من الجيران وأخذوا الأولاد من يدي وأخبروني أن الرزق على الله ، فرجعت ثانية إلى الأرض بعد أن تناولت الحبوب المهدئة للأعصاب، ولم أعرف مكان البئر ولا المغارة ولا الكوخ الصغير، فرفعت بعد أن صليت في الأرض يدي إلى المولى، وقلت اللهم لمرضي مغلوب فانتصر. ونظرت إلى الأشجار التي كانت واقفة شامخة تسبح الليل والنهار وأصبحت ساجدة تصلي للباري أن يعيدها ثانية حتى تثمر وأن يبيع صاحبها أبو عنان اللوز المبكر في الناصرة وأن يبيع الزيت في نابلس والخضار في طولكرم.



من الايميل



حياة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس