منتديات زهرة الشرق

منتديات زهرة الشرق (http://www.zahrah.com/vb/index.php)
-   شخصيات وحكايات (http://www.zahrah.com/vb/forumdisplay.php?f=16)
-   -   نزعة الروح (http://www.zahrah.com/vb/showthread.php?t=5891)

nabil 12-02-03 02:57 PM

نزعة الروح
 
1 مرفق
( هذه قصة قصيرة من مجموعتي القصصية بعنوان ( نزعة الروح) ، ولكنها تختلف عن القصة الرسمية ، لأنني قمت بحذف بعض الأحدا ، و ذلك لأسباب اعتبارية، و بالتالي هذه القصة تختلف عن النسخة التي أحتويها)


نزعة الروح

دخلتُ المكان … ، كان المكان و كأنما وصلتُ إليه عن طريق كهفٍ طويل مخيف ، أو كأنني سقطُتُ داخله من علٍ ، ثم جلتُ بنظري فيه فلم أرَ فيه إلا اللون الأحمر و الأسود ، و لكنه مكان فخم جداً ، سواده يوحي بالأناقة و العراقة ، المكان فارغٌ تماماً من الرواد ، و أخيراً..- بعد حيرة في اختيار أنسب مكان- اهتديتُ إلى مقعدٍ في آخر الصفوف حيث يصعب تمييزنا بوضوح ، كان مقعد طويل – حيث يجلس عليه أكثر من شخص- لونه أحمر ، ثم جلست .
الصمتُ يَلثم الشفاه … ، و السكون خيم على المكان… ، و الانتظارُ في صراع مع الزمن.
الجوُ باردٌ جداً ، أشعلتُ سيجارةً ، ثم نظرتُ إلى الشارع من خلال نافذةٍ زجاجية بجانبي ، تأملتُ بقعَ الماءِ على الأرض كيف تُراقِصُها قطرات المطر حين تتساقط عليها متعبةً ، فجأة بدأتْ أطرافي ترتعش و ترتجف ، لا أعرفُ إذا كانَ برداً أم لهفة الانتظارِ ، على أي حالٍ … رُبما هذهِ المرة لا أحتاجُ إلى مدفأة … لقد وصلتْ أخيراً.
الوجهُ أسمرْ، شاحبُ اللون ، و الشفاهُ بيضاءٌ جافة ، و العيون مخبأةُ تحت جبينٍ مجعد، تَرتَديْ عباءةً سوداء ، مُرهَلة الأكمام ، كأنها شبح آت من وراء الظلمات.
ألقَتْ بالتحية ، جلستْ بجواري … ، نَزَعَتْ حقيبتُها السوداء عن كتفها الأيمن ، ثم وضعتها جانباً ، عدلتْ نفسها ، ثم أخذتْ تُعدِلْ من وضعِ المنديل الأحمر على رأسها.
الصمتُ يلثُم الشفاه … ، و السكون خيم على المكان… ، و الدفيء بدأ يعجُ في الأركان.
رَفَعَتْ رأسها، ثم تنهدتْ… و تنهدتْ ، أنفاسٌ حارة بدأتْ تخرجُ من حواشي مرتجلة ، لينتشرَ في المكانِ عبقَ عطرٍ قديم ، كرائحة الجدات .
قاطعتْ حُرمةُ الصمتِ واستطردتْ تقول
- أنا اليوم بدي أطلع بدري.
- الساعة كام بدك تطلعي؟
- يعني…. 2:30 و الساعة هلاء 12
أدركتُ تماماً أنها تستعجل ما يلجُ بصدري ، و أن أبوحَ بكلِ ما عندي ، من كلماتٍ رقيقة ، و همساتٍ مبحوحة ، و أن أضعَ حداً لأيْ شيءِ غيرَ ذلك.
لَفَتُ رأسي لها ، ثم ألحقتُ به عيناي ، نظرتُ في عينيها نظرةً لها دلالة ، ثم أطلتُ النظرَ و استطردتُ قائلا
- اشتقتلك.
اغرورقتْ عيناها ، و عادت الحمرةُ الكرزية لشفتيها ، و تفتحتْ الخدود لترجع إليها الحمرةُ الوردية ، و انبسطَ الجبين مشعاً من نضارته.
سبلتْ عينيها ، ليخرجَ منها بريقُ البراءةِ و الجمال ، بريقُ الحاجةِ إلى أكثر من ذلكَ و أكثر ، و كلما التقينا كانت تحدث هذه الالتماعة في عينيها و عيني ، و أحس بأنها لا تراني بقدر ما تدرك وجودي ، و قالتْ بصوتٍ رفيعٍ كالحفيفْ
- أنا أكتر.
الصمتُ يلثُم الشفاه … ، و السكونُ خيمَ على المكان…
مددتُ لها يدي ، لتتلامس الراحتان ، و تتشابك الأصابع ، ويعانقُ كل إصبعٍ نظيرهُ في اليد الأخرى ، ما يفُكُها إلا قدرٌ جائر ، أو نصيبٌ غادر.
تابعنا النظرات و تابعنا … ،- و الشفاهُ مطبقات-ٌ ، لعلها كانتْ أفضلُ وسيلةٍ للتعبير ، لعلها كانت أبلغُ من اللسان و من كل الكلمات ، ربما كنا لا نفهمها هذه اللغة ، و لكن يكفي أن يرى كلانا نفسهُ في عين الأخر .
و ما استفقتُ – من نشوة الإحساس- إلا على سؤالٍ كالسكين يقطعُ الأوردة
- كام الساعة؟
شَمرتُ عن يدي ، حتى انكشفَ عدادُ الأجل ، نظرتُ إلى الساعة ، ثم تابعتُ
- الساعة 3 بالتمام.
- كمان خمس دقايق .
تابعتْ نظراتَها ، و لكن بشكلٍ يزيدُ من فوضى الوجدان ، و ثورة المشاعر ، ثم استوقفتْ قائلة
- بحبك… ، ما تبعد عني… ، ما حدا راح يفرقنا….
كلماتٌ جعلتني أشعرُ بأن الكلمات أحياناً لا تكفي ، و لا تفِ بالمطلوب ، شعرتُ بأن الفعلَ و الفعلَ فقط هو أكثرُ تعبيراً و إيحاءاً في مثلِ هذا الموقف ، و لا أنسى أبدا رعشة يدها ذات مرة ، ثم شفتيها ، حين دلكت كفها بكل سخونة و جنون و أنا أودعها ، كما ولو أردتُ أن أُعانِقُها ، أن أُقَبِلَ فَمَهَا المشقوق ، كان يواتيني خاطر مجنون ملهوف يهيب إلى ان آخذها أمام الملأ ، كنت أعاني ليس فقط من جسدي ، و إنما كبتٌ و جداني عميق ، قاتل ، ذابح ، ربما كان الجسد وسيلتي للتخلص من هذا الحريق ، و لكن شعرت بإحباط يسري في جسدي كالسم ، و لكن .. ربما كان الصمتُ أبلغ من الكلام ، لأن إحساسي باختناق قدرتي على إعطائها.
الصمتُ يلثُم الشفاه … ، و السكون خيم على المكان…
مرتْ الدقائقُ و الدقائقُ… ، و نحن نستغرقُ في نظراتٍ كالمنام ، و الأناملُ تُداعبُ الأنامل ، ما نسمعُ صوتاً إلا أصواتَ أنفاسٍ تلفحُ الوجوه.
لقد كنت أشعر بأنها جزئي الأنثوي ، و أنني أصبحت جزئها المذكر ، كنت أرى نفسي هناك ، في أعماق نظراتها ، داخل كل انكماشه و انبساطة من ضلوعها و هي تأخذ الشهيق أو تصدر الزفير.
فهل تعرفُ المشاعرُ أن الدقيقة تساوي ستين ثانية…؟ ، و أن الخمس دقائق تساوي خمسة أضعاف الستين …؟.
الصمتُ يلثُم الشفاه … ، و السكون خيم على المكان…

همسة حب 12-02-03 07:24 PM

الاخ نبيل

قصة رائعة فعلا

وهذا يدل على قلم رائع بيننا يجيد هذا الخيال الكبير والفن القصصي



تقبل تحياتي والى الامام


أختك همسة

lonely 18-02-03 08:01 PM

.




أخي الفاضل نبيل


بالتأكيد قصة رائعة وأسلوب ممتع جدا

أهنئك على الاسلوب الراقي في الكتابة والتعبير


تحياتي وتقديري الدائم






مع محبتيlonely

الاكحــل 19-02-03 05:10 AM

قصة جميلة

تسلم اخوي

أزهـــــار 24-02-03 11:13 AM

مشكككور أخوي نبيل


رااائع في الاسلوب


تحياتي

sad_girl 15-03-03 10:22 PM

أخي نبيل


بصراحة كاتب راائع وأسلوبك جدا ممتاز في الكتابة


الله يعطيك العافية ويوفقك


تحياتي


الساعة الآن 08:54 PM

Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2025, vBulletin Solutions Inc.